مصر
17 آذار 2016, 09:36

عائلة البابا شنودة تفتح خزائن أسرار البطريرك..

يحتفظ المهندس عماد روفائيل نجل شقيق البابا شنودة الراحل ليس فقط بلقب العائلة، إنما بجينات وملامح وجه عمه البطريرك الراحل، الذي تربى على يديه فى بيت العائلة بشبرا فى الخمسينات وشهد مرحلة رهبنته الأولى فى دير السريان حين كان صبيا في المنزل ثم انقطعت أخبار عمه فجأة بعدما سكن مغارته بالجبل.

كل هذه الحكايات يرويها "عماد" في منزله برفقة زوجته "اينس"، حيث كان البابا الراحل سببا في تعارفهما وزواجهما.

يعود المهندس عماد إلى الوراء، فيروي قصة ميلاد البابا كما نقلها له والده "روفائيل" شقيق البابا الراحل، فيؤكد أن الطفل نظير جيد روفائيل ولد عام 1923 كأصغر أفراد أسرته، حيث فارقت والدته الحياة بعد ميلاده، فما كان من شقيقه الأكبر والد "عماد" إلا أن أخذ شقيقه الأصغر شوقي الذي أصبح القس بطرس، ونظير الذي صار البابا شنودة ونقلهما إلى القاهرة، فعاشا معه وتعلما على يديه، بعد أن ترك والده العمدة الأراضي الواسعة بقرية سلام بأسيوط.

ويضيف عماد، حين قرر "روفائيل" أن يتزوج اختار من تقبل بوجود أخويه في حياته وكأنهما طفلين من زيجة سابقة، وتربينا بالمحبة معهم في بيتنا الكبير حتى آخر وقت.

"كان عمري 22 سنة يوم أبلغت أن عمي صار بطريركا للكرازة المرقسية يقول عماد، اندهشت جدا لأن البابا شنودة كان له خطا مختلفا عن ذلك، كنا نعيش معا في بيتنا بشبرا وكانت كل غرفة تؤدي إلى الأخرى، فيما عدا غرفة البابا التي كان لها بابا خارجيا على السلم، وكان وقتها يتردد على الدير ويقلق أبي فيقول لأمي "أنا خايف الواد يترهبن وميرجعش" فترد : أبلغني نظير ألا أقلق إلا إذا ترك الكرافتة معلقة أما إذا كان يرتديها فمعنى ذلك إنه سيعود، وبالفعل في المرة الأخيرة وجدنا كرافتته السوداء معلقة على الدولاب فعلمنا إنه ذهب للرهبنة، فزاره والدي بالدير لكنه رفض لقائه بعدما توحد، وانقطعت أخباره عنا سنوات طويلة حيث كان يعيش وحيدا في قلايته بالدير".

ويستكمل، كان البابا شنودة يكن لوالدي احتراما خاصا حتى إنه كان يناديه الأخ روفائيل بعدما رباه وعلمه، ويوم وفاة والدي وقف سيدنا البابا أمام جسده، وقال أنا كبطريرك تركت العائلة وكل الناس عائلتي ولكن من أجل الوفاء أنحني أمام هذا الجسد الراقد أمامي فلولاه لكنت حتى اليوم فلاحا في أسيوط، ثم عدنا للتواصل معه بعدما صار سكرتيرا للبابا كيرلس عام 1956.

وعن قصة لقائه بزوجته "اينس" يسترجع، كانت شقيقتي قد توفت، فغرقت في حزن كبير بعد أن هزمها السرطان، فعرض علي عادل شقيقي الأكبر أن اتعرف على طبيبة تسمى "اينس" كي أتزوجها فرفضت وتعللت بحزني، وكنت وقتها مهندسا بشركة ميشيل باخوم الذي هاجمه مرض الموت وكانت تجمعه علاقة صداقة بالبابا، فهاتفني أخي الذى كان يجلس مصادفة مع البابا وأخبرته عن مرض المهندس ميشيل، فقرر أن يزوره في المستشفى على الفور، رغم أن سائق البابا كان قد غادر، فأمرني البابا أن أقود له سيارته حتى المستشفى، وفي الطريق جدد أخي سيرة "اينس" وقال للبابا إنه نصحني بالزواج منها، فنهرني البابا وقال "ازاى ترفضها دي بنتي أنا بناتي ميترفضوش دي بنت جميلة ومؤدبة ومتدينة" وبالفعل ذهبت والتقيتها، وهو من صلى لنا في الخطوبة.

وتتذكر "اينس" أيام إقامته الجبرية بالدير وقت خلافه مع السادات فتقول "كانت أياما صعبة"، كنا نعيش قلقا غير عاديا عليه، ولكن الله استخدم السادات ليحافظ عليه فلم يقتل في حادث المنصة، ويقاطعها عماد" كنا نزوره في الدير وقتها يشعرنا بالفرح والسعادة وأن إقامته الجبرية قربته من الله فحياته كانت إنجيل معاصر، ينفذ كل كلمة فيه بحذافيرها.

ويقول عماد، "أشعر بالفخر والشرف من موقفه تجاه زيارة القدس، ولن أكسر كلام سيدنا أبدا مستحيل أدخلها إلا مع إخوتي المسلمين.

و يسرد الموقف الوطني للبابا شنودة الذي رفض التطبيع فمنع الأقباط زيارة القدس، وتؤكد اينس زوجته "كان بيحمينا من المتطرفين وبيحافظ على وطنيتنا"، ولدينا في مصر أماكن مباركة كثيرة بديلة عن القدس، ولن نكسر كلام البابا أبدا "مش هنعتبها".

وعن صفات البابا الراحل يوضح عماد، إنه لم يرد سائلا يوما، ولم يحرج متحدثا أو يقاطعه، كان يجلس معنا كل أسبوع في لجنة البر ويغدق على الفقراء بعد أن يتحقق من حاجتهم للمال فعلا، حيث كان يكلفنا بالكثير من الأعمال الشاقة في المقاولات بالكنائس وغيرها.

وتقول زوجته اينس، "عمرك يا سيدنا البابا كلمتك ما نزلت الأرض أبدا، فكان لديه قدرة على التنبؤ بما سيجري".

وبدموع وألم، يروي عماد الأيام الأخيرة في حياة البابا، حيث حضر معه آخر اجتماع للجنة البر التي كانت تعقد كل خميس بالكاتدرائية لمساعدة الفقراء، ولم يستطع البابا وقتها أن يستكمل الاجتماع وسلمها للأنبا مكسيموس وكأنه يسلم أمانته، وفي عز مرضه "لم نشعر أبدا إنه مريض وهي قوة ربنا مش حاجة تاني، كان البابا شخصية فريدة، فلقد كان مرهفا إلى حد البكاء وقويا إلى درجة الصلابة".


المصدر :  اليوم  السابع