دينيّة
21 نيسان 2022, 07:00

"طوبى للفقراء بالرّوح لأنّ لهم ملكوت السّماوات"

ريتا كرم
في عالم يتحدّى فيه الإنسان كلّ من حوله باحثًا عن السّعادة الأرضيّة عبر جمع الثّروات والاستئثار بها، في مجتمع تزيد فيه الإغراءات الّتي تحيط بشباب اليوم فتناديهم ليسلكوا سبلها المتنوّعة رغم وعورتها، هل الفقر الإنجيليّ ممكن وسهل؟

 

كثيرون هم من يسعون ليكونوا على مثال المسيح الفقير الّذي اغتنى بالآب وروحه القدّوس، فيعملون جاهدين من أجل اتّباعه والثّبات معه، سواء في تلبية دعوته إلى الحياة المكرّسة أم في رسالة داخل المجتمع. وفي الحالتين، يتطلّب الأمر عيش سرّ تجرّده الكامل كما عاشه في التّجسّد والصّليب. فهذا النّوع من الفقر الّذي لا يمتّ إلى المادّة بصلة هو ذاك الّذي يطال الرّوح، ففقير الرّوح هو من "لا يخاف أن يهب مِلأه لكي يستقبل ملء حياة الله ويضحي غنيًّا في غنى الله"، وحرًّاً معه وفيه، مجرّدًًا من كلّ القشور والمادّيّات الّتي تصبح ثانويّة في حياة من اغتنى بالمسيح، فيعطي عندئذ بسخاء ويشرك الآخرين في عطيّة الله له.

ما المطلوب إذًا كي لا تتشتّت رغبتنا في عيش هذا النّوع من الفقر فلا نستسلم؟

لنكن في محيطنا فقراء بين الفقراء على مثال المعلّم، لنخدم سرّ المسيح في الفقراء والمتألّمين، لنتّكل على عناية الله الأبويّة ولا نحصر عطيّته في ذاتنا، لنعطِ بمجّانيّة كما نأخذ بمجّانيّة فلا نسمح للمال أن يأسرنا وللطّمع أن يقيّدنا فلا نخضع لمنطق العالم الاستهلاكيّ بل نتّخذ من البساطة قاعدة لحياتنا.

ليكن غنانا إذاَ مستمدًّا من فقر المسيح، لتكن كنيستنا فقيرة لأجل الفقراء، ولنتذكّر دوماً أنّه: "طوبى للفقراء بالرّوح لأنّ لهم ملكوت السّماوات". (متّى 5/3)