الفاتيكان
02 نيسان 2020, 08:45

صورة في جريدة اليوم أثّرت بالبابا فرنسيس، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
"تسلّط أيّام الألم والتّعاسة هذه الضّوء على العديد من المشاكل الخفيّة. لقد رأيت اليوم على الجريدة صورة مؤثّرة جدًّا: مشرّدون كثيرون في إحدى المدن ينامون في موقف للسّيّارات... هناك العديد من المشرّدين اليوم. لنطلب من القدّيسة الأمّ تريزا دي كالكوتا أن توقظ فينا حسَّ القرب من العديد من الأشخاص الّذين يعيشون في الخفاء، كالمشرّدين على سبيل المثال، في المجتمع والحياة العاديّة ولكنّنا نراهم بوضوح فقط في لحظات الأزمة". بهذه الكلمات، رفع البابا فرنسيس صباحًا صلاته من أجل المشرّدين، خلال القدّاس الإلهيّ في كابيلا القدّيسة مرتا.

وتابع بعدها متأمّلًا في القراءات اللّيتورجيّة من سفر التّكوين وإنجيل القدّيس يوحنّا والّتي تتمحور حول صورت ابراهيم والعهد مع الله والإعلان الجديد ليسوع الّذي أتى ليجدّد الخليقة ويغفر لنا خطايانا؛ فقال البابا نقلًا عن "فاتيكان نيوز": "نحن مسيحيّون لأنّه قد تمّ اختيارنا ونلنا وعد خصوبة ينبغي علينا أن نجيب عليه بالأمانة للعهد؛ ولذلك فخطايانا هي هذه الأبعاد الثّلاثة: عدم قبولنا للاختيار وعبادتنا للأصنام، عدم الرّجاء في الوعد ونسيان العهد. إنّ درب المسيحيّ هي الوعي للاختيار وفرح السّير نحو الوعد والأمانة في تحقيق العهد.

لقد كرّرنا الصّلاة في المزمور: "الرّبّ يذكر عهده على الدّوام"؛ إنّ الرّبّ لا ينسى هو لا ينسى أبدًا؛ الله ينسى في حالة واحدة فقط عندما يغفر لنا خطايانا، يغفر لنا "ويفقد ذاكرته" لكي لا يذكر خطايانا. أمّا في الحالات الأخرى فالله لا ينسى على الدّوام. أمانته هي الذّكرى. أمانته لشعبه وأمانته لإبراهيم هي أيضًا ذكرى لكلّ ما صنعه. لقد اختار الله إبراهيم لكي ينطلق ويسير. إبراهيم هو مختار من الله، وفي هذا الاختيار أعطاه الله وعدًا بالنّسل ويقول لنا سفر التّكوين أنّ هناك شيء آخر أيضًا: "ها أَنا أَجعَلُ عَهْدي معَكَ، وَتَكونُ أَبا جُمهورِ أُمم".

الإختيار والوعد والعهد هذه هي أبعاد حياة الإيمان، أبعاد الحياة المسيحيّة. كلُّ فرد منّا هو شخص مختار، ما من أحد منّا قد اختار أن يكون مسيحيًّا من بين الإمكانيّات الأخرى الّتي يقدمّها له "السّوق الدّينيّ". نحن مسيحيّون لأنّه قد تمّ اختيارنا، وفي هذا الاختيار نجد وعدًا: وعدُ رجاء وعلامة للخصوبة: "ستكون أبًا جمهور أمم... ستكون خصبًا في الإيمان، وإيمانك سيُزهر أعمالًا، أعمال صالحة وأعمال خصوبة، ولكن عليك أن تحفظ عهدي.

العهد هو أمانة أيّ أن نكون أمناء. إنّ الرّبّ قد اختارنا وأعطانا وعدًا وها هو الآن يطلب منّا عهدًا: عهد أمانة. يقول لنا يسوع: "إِبتَهجَ أَبوكُم إِبراهيم راجِيًا أَن يَرى يَومي ورآهُ فَفَرِح"، يوم الخصوبة الكبيرة، لأنّ ابنه– ويسوع هو أيضًا ابن لإبراهيم– قد جاء ليجدّد الخليقة كما نقول في اللّيتورجيا: لقد جاء ليفتدي خطايانا ويحرّرنا. فالمسيحيّ هو كذلك ليس لأنّه بإمكانه أن يُظهر إيمان معموديّته: إيمان المعموديّة هو مجرّد ورقة. تكون مسيحيًّا إن أجبتَ "نعم" على اختيار الله لك، وإن سرتَ خلف الوعود الّتي قطعها لك الرّبّ وإن عشتَ عهدًا مع الرّبّ: هذه هي الحياة المسيحيّة.

إنّ الخطايا الّتي قد نرتكبها خلال المسيرة تتعارض دائمًا مع هذه الأبعاد الثّلاثة: عدم قبولنا للاختيار، فنختار أصنامًا عديدة وأشياء عديدة ليست الله، عدم قبولنا للرّجاء في الوعد ونسياننا للعهد فنعيش كما ولو كنّا بدون عهد. إنّ الخصوبة هي فرح، كفرح إبراهيم الّذي رأى يوم يسوع وفرح.  

هذا هو الإلهام الّذي تعطينا إيّاه كلمة الله اليوم حول حياتنا المسيحيّة، لكي تكون على مثال حياة إبراهيم أبانا: متيقّنين لاختيار الرّبّ لنا، وفرحين في السّير نحو الوعد وأمناء في تحقيق العهد".

وفي ختام الذّبيحة الإلهيّة وبعد البركة، دعا البابا فرنسيس المؤمنين، عبر الإنترنت، إلى المناولة الرّوحيّة.