صندوق للعمّال في أبرشيّة روما بمبادرة من البابا فرنسيس
وفي هذا السّياق، كتب الأب الأٌقدس نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "أيّها الأخ العزيز، إنّ زمن الألم هذا الّذي نعيشه بسبب الوباء، بالإضافة إلى أنّه زرع الألم والقلق هو يهدّد بشكل خطير النّسيج الاجتماعيّ لمدينتنا. نرى أنّ العديد من الأشخاص يطلبون المساعدة ويبدو أنّ "الأرغفة الخمسة والسّمكتين" لم تعد تكفي. ومع ذلك لا يمكنني إلّا أن ألاحظ بفرح علامات الحيويّة لكنيستنا في روما. وهذا ما يظهره العدد الكبير للأشخاص الّذين وخلال هذه الأيّام قد تجنّدوا لكي يساعدوا ويعضدوا الضّعفاء وكذلك أيضًا ازدياد الهبات للّذين يعملون من أجل المرضى والفقراء والمبادرات العديدة الّتي أظهر من خلالها سكّان روما تضامنهم مع الأطبّاء والعاملين الصّحّيّين بالغناء والتّصفيق مكوّنين جماعة كسروا من خلالها الوحدة الّتي تهدّد قلب العديد منّا.
لا يتعلّق الأمر بمبادرات أو مواقف مؤقّتة ثمرة ثورة مشاعر وحسب: إنّ سكّان روما يرغبون في أن يكونوا جماعة ويشاركوا بعضهم بعضًا ويطلبون منّا أن نعمل معًا متّحدين من أجل الخير العامّ. ولذلك تُدعى المؤسّسات وجميع الّذين يمثّلون المجتمع المدنيّ وعالم العمل لكي يصغوا إلى هذا الطّلب ويحوّلوه إلى سياسات وأعمال ملموسة لصالح المدينة. أتمنّى أن تنطلق العودة إلى الحياة الطّبيعيّة في روما من عمل يجمعنا متّحدين في مواجهة آلام المهمّشين. إنّ كنيسة مدينتنا حاضرة وترافق الضّعفاء بمحبّتها وهي مستعدّة لكي تتعاون مع المؤسّسات المدنيّة وجميع الوقائع الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
تهمّني كثيرًا كرامة الأشخاص الّذين قد تضرّروا بشكل كبير بسبب نتائج هذا الوباء ولاسيّما الّذين يواجهون خطر البقاء خارج حماية المؤسّسات والّذين يحتاجون لدعم يرافقهم لكي يتمكّنوا مجدّدًا من السّير بشكل مستقلّ. يتوجّه فكري أيضًا إلى العدد الكبير من العاملين اليوميّين والّذين يعملون لفترة مؤقّتة والّذين انتهت عقودهم ولم يتمَّ تجديدها وللّذين ينالون أجرهم بحسب ساعات العمل والمتدرِّبين والعاملين في البيوت، ورجال الأعمال الصّغار والعاملين المستقلّين ولاسيّما الّذين يعملون في القطاعات الأكثر تضرّرًا. كثيرون منهم هم آباء وأمّهات يتعبون ويجاهدون لكي يطعموا أبناءهم ويقدّموا لهم الضّروريّ الأساسيّ.
لذلك، وكأسقف روما قرّرت أن أنشأ في الأبرشيّة صندوق "يسوع العامل الإلهيّ" للتّذكير بكرامة العمل وأقدّم حوّالة أولى بقيمة مليون يورو لهيئة كاريتاس في أبرشيّتنا. يطيب لي أن أفكّر بأنّه بإمكان هذا الصّندوق أن يصبح مناسبة لميثاق حقيقيّ لروما يشعر فيه كلّ شخص بأنّه رائد للولادة الجديدة لجماعتنا بعد الأزمة. كذلك يريد هذا الصّندوق أن يكون علامة قادرة على حثّ جميع الأشخاص ذوي الإرادة الصّالحة لكي يقدّموا علامة إدماج ملموسة ولاسيّما تجاه الّذين يبحثون عن العزاء والرّجاء وعن الاعتراف بحقوقهم.
وبالتّالي أدعو جميع المؤسّسات ومواطنينا لكي يتقاسموا مع الآخرين وبشكل سخيّ ما يملكونه في هذه المرحلة المطبوعة بالحاجة والعوز. أتوجّه إلى قلب سكّان مدينة روما وأحثّهم لكي يأخذوا بعين الاعتبار أنّ خلال هذه المرحلة لا يكفي أن نتقاسم ما يفيض عنّا. أريد أن يزهر في مدينتنا تضامن الأشخاص الّذين يعيشون بقرب بعضهم البعض، والأعمال الّتي تذكّرنا بمواقف سنة اليوبيل الّتي يتمُّ فيها الإعفاء من الدّيون وتسديد الدّين بحسب قيمته ولا وفقًا لمنطق الأسواق.
أدعو جميع كهنة أبرشيّتنا لكي يكونوا أوّل الّذين يساهمون في الصّندوق ولكي يشجّعوا بحماس المشاركة في جماعاتهم. إنّ نعمة كسر خبز الإفخارستيّا يوميًّا تدفعنا لكي نتصرّف بالطّريقة عينها مع إخوتنا وأخواتنا. ليبارك الرّبّ جماعتنا الأبرشيّة والمدينة بأسرها. وأستمطر على الجميع قوّة وتعزية وحماية العذراء مريم خلاص سكّان روما."