الفاتيكان
31 آذار 2018, 11:40

صلاة البابا فرنسيس في ختام رتبة درب الصّليب

في ختام رتبة درب الصّليب الذي ترأّسها البابا فرنسيس مساء الجمعة العظيمة، في الملعب الروماني القديم الكولوسيوم، ألقى الأب الأقدس صلاةً، قال فيها:

أيّها الرّب يسوع، إنَّ نظرنا موجّه نحوك ومفعم بالخجل والتوبة والرّجاء؛ وأمام محبّتك العظيمة يجتاحنا الخجل لأنّنا تركناك وحدك لتتألّم بسبب خطايانا. الخجل لأننا هربنا أمام التّجربة علمًا أنّنا قلنا لك آلاف المرات:"حتى لو تركك الجميع، أنا لن أتركك أبدًا"؛ الخجل لأنّنا اخترنا باراباس ولا أنت، السّلطة ولا أنت، المظاهر ولا أنت، الإله- المال ولا أنت، روح العالم ولا الحياة الأبديّة.

الخجل لأنّنا جرّبناك بالفم والقلب في كلِّ مرّة وجدنا فيها أنفسنا أمام تجربة وقلنا لك:"إن كنتَ أنت المسيح فخلِّص نفسك وسنؤمِن!"؛ الخجل لأنَّ العديد من الأشخاص، حتى بعض كهنتك قد سمحوا للمجد الباطل أن يخدعهم وخسروا كرامتهم وحبّهم الأوّل؛ الخجل لأنَّ أجيالنا يتركون للشباب عالمًا تحطِّمه الانقسامات والحروب، عالم تنهشه الأنانيّة وحيث يُهمّش الشباب والصغار والمرضى والمسنّين؛ الخجل بأننا فقدنا الخجل؛ أيها الرب يسوع أعطنا على الدوام نعمة الخجل المقدّس!

إنَّ نظرنا مُفعم أيضًا بندامة تتوسّل رحمتك إزاء صمتك: الندامة التي تولد من اليقين بأنّك وحدك بإمكانك أن تخلِّصنا من الشر، وحدك بإمكانك أن تشفينا من برص الحقد والأنانيّة والكبرياء والجشع والانتقام والطمع، وحدك بإمكانك أن تعانقنا مجددًّا وتعيد إلينا كرامة الأبناء وتفرح لعودتنا إلى البيت والحياة. الندامة التي تولد من شعورنا بصغرنا وعدمنا وتسمح بأن تلمسنا دعوتك اللطيفة والقويّة إلى الارتداد؛ ندامة داود الذي من عُمق بؤسه يجد فيك مجدّدًا قوّته الوحيدة.

الندامة التي تولد من خجلنا ومن اليقين بأنَّ قلبنا سيبقى قلقًا على الدوام إلى أن يجد فيك المصدر الوحيد لكماله وسلامه؛ ندامة بطرس الذي وعندما التقى نظره بنظرك بكى بكاء مُرًّا لأنّه أنكرك أمام البشر. أيها الرب يسوع أعطنا على الدوام نعمة الندامة المقدّسة!

إزاء سيادتك، تضيء في ظلام يأسنا شعلة الرجاء، لأنّنا نعرف أن المعيار الوحيد لمحبتك لنا هو محبّة بلا معايير؛ الرجاء لأنّ رسالتك لا زالت تُلهم اليوم أيضًا العديد من الأشخاص والشعوب أنَّ الخير وحده قادر على التغلُّب على الشرِّ وأن المغفرة وحدها قادرة على هدم جدران الحقد والانتقام، وأنَّ العناق الأخوي وحده بإمكانه أن يبدّد العداوة والخوف من الآخر؛ رجاء لأنَّ تضحيتك لا تزال اليوم أيضًا تنشر عطر المحبّة الإلهيّة التي تلمس قلوب العديد من الشباب الذين لا يزالون يكرِّسون لك حياتهم ليصبحوا أمثلة حيّة للمحبة والمجانيّة في عالمنا هذا الذي ينهشه منطق الربح السهل؛

رجاء لأنَّ العديد من المرسلين والمرسلات لا يزالون اليوم أيضًا يتحدّون ضمائر البشريّة النائمة ويخاطرون بحياتهم لكي يخدموك في الفقراء والمقصيين والمهمَّشين والمُستغلّين والجائعين والمسجونين؛ رجاء لأنَّ كنيستك القديسة والمكوّنة من خطأة لا تزال اليوم أيضًا، بالرغم من محاولات تشويه سمعتها، نورًا يضيء ويشجّع ويرفع ويشهد لمحبّتك اللامحدودة للبشريّة، نموذج لمحبّة الآخر ومصدر يقين وحقيقة؛ رجاء لأنَّ القيامة قد انبعثت من صليبك، ثمرة جشع وجُبن العديد من علماء الشريعة والمرائين، وحوَّلَت ظلمات القبر إلى إشراق فجر أحد لا يعرف الغروب وعلّمتنا أنَّ المحبة هي رجاؤنا. أيُّها الرب يسوع أعطنا على الدوام نعمة الرجاء المقدّس!

ساعدنا يا ابن الإنسان لكي نتجرّد من كبرياء اللّص، الذي صلب على يسارك، ومن قصر نظر وفساد الذين رأوا فيك فرصةً ليستغلّوها، ومحكومًا عليه ليهزؤوا به، ومناسبةً ليحمّلوا الآخرين، حتى الله، أخطاءهم. نسألك يا ابن الله أن تجعلنا نتشبّه لصّ اليمين الذي نظر إليك بعينين مُفعمتين بالخجل والنّدامة والرّجاء؛ والذي بعينيِّ الإيمان رأى في فشلك الظّاهري الانتصار الإلهي، وجثا أمام رحمتك وبصدق سطا على الفردوس! آمين.