مصر
23 نيسان 2024, 07:50

شهادة دكتوراه فخريّة للبابا تواضروس الثاني من الأكاديميّة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا

تيلي لوميار/ نورسات
تسلّم البابا تاوضروس الثاني بطريرك الإسكندريّة وسائر الكرازة المرقسية من الأكاديميّة العربيّة للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحريّ، شهادة الدكتوراه الفخريّة وبعد التسلّم، ألقى كلمة قال فيها:

 

"تغمرني مشاعر السعادة وأنا واقفٌ بينكم في هذا الصرح العظيم، هنا في جامعة الدول العربيّة بالأخصّ في هذه القاعة التاريخيّة، وكلّي امتنان لهذه الدكتوراه الفخرّية، كما أنّي أثّمن حصولي عليها من الأكاديمية العربيّة للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحريّ، هذه الأكاديمية العريقة التي تمثّل صرحًا علميًّا له رسالته الواضحة ورؤيته لتحقيق الريادة والتميّز في خدمة العالم كلّه، فالإسهامات التي قدّمتها هذه الأكاديمية في الماضي توضّح مدى المسؤوليّة تجاه المستقبل أيضًا ".

وأضاف: "التعليم هو أحد ركائز الحياة الأساسيّة، والتعليم الجامعيّ ليس مجرّد التعرّف على ما توصّلت إليه العلوم والمعرفة واستيعاب التقنيّات اللازمة لجعل هذه العلوم والمعارف في خدمة المجتمع وحسب، وإنّما هو صياغة جديدة للعقل العلميّ والمعرفيّ في مجتمعنا على أساس المنهجية العلميّة، لإيجاد الحلول الملائمة لمختلف القضايا التي تعترضنا، لننطلق نحو آفاق أوسع وتطلّعات مستقبليّة مملوءة بالإنجازات المحليّة والعالميّة .إنّنا، وبالرغم من جميع المصاعب والتحديّات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والوطن العربّي كلّه، إلّا أنّنا نؤمن أنّنا نحمل أوطاننا في داخلنا، وأنّ قوّتنا في زرع الأمل وترسيخ الثقة وفتح آفاق اسعة أمام مجمل شعوب دولنا العربيّة."

وتابع: "الحياة، أيّها الأحبّاء تعنى الحبّ، كما تعلمون، كلمة life قريبة جدًّا من كلمةlove  والإثنين لهم جذرٌ واحد في الأصل اللاتينيّ، وهما وجهان لعملة واحدة، وأعظم أنواع المحبّة هو المحبّة الكاملة أي محبّة الخير ومحبّة الغير، فالمحبّة تربط الإنسان بالله و تربطه بأخيه الإنسان، ونحن لا نستطيع تخيّل هذا العالم من دون المحبّة التي تملأ القلوب".

وشدّد على محبّة الخير قائلًا: "نبدأ بها يومنا في تحيّتنا لبعض البعض "صباح الخير" وهي تحيّة البشر في العالم اجمع، لأنّنا نعلم جميعًا أنّ كلَّ يوم هو مُلك لله كلّي الخير يعطيه لنا لنصنع فيه الخير، فأنت تحبّ الله يعني أنّك تحيا حياة مرضية أمامه، وتشكره كلّ يوم على ما يهبك إيّاه. لذا وفى صباح كلّ يوم نقول "ليشرق لنا نور وجهك وليضئ علينا نور علمك الإلهيّ، إجعلنا يا سيّدنا أن نكون بني النور وبني النهار، لكي نجوز هذا اليوم ببرٍّ وطهارة وتدبير حسن"، مؤكّدًا: "إن نحن فعلنا ذلك، وبدأنا يومنا بمعونة الله، عشنا حياتنا نقدّم الخير، بمحبّة صادقة، للجميع من دون تمييز، ومن دون شروط. "

"نحن هنا"، تابع البابا تاوضروس، "نتحدّث عن الإعلام الذي يشكل جزءًا أساسيًّا للمجتمع، عن رابطٍ بين الإنسان والعالم. فقد هدم الإعلام الجدران والحواجز التي تفصلنا في ما بيننا، وصرنا جميعًا أقرب بعضنا من بعض، وصرنا نستطيع التواصل على نحوٍ أسرع، بشرط استخدامه في الخير، فلا توجد جهة واحدة مسؤولة عن الإعلام، ولكنّنا جميعا نتحمّل مسؤولية استخدامه بأفضل صورة لخدمة البشريّة، والتعلم ، وفائدة الكلّ، باختصار من أجل التقدُّم الإنسانيّ".

وتابع: "كل تعامل مع آخر هو إضافة حقيقيّة، وكلّ تعاون وكلّ محبّة للآخر هو استثمار للأفضل، أقرب مثال هو هذا المكان الذي نجلس فيه الآن، فهذا المكان تأسّس ليجمع الدول العربيّة ليكون لهم صوت واحد وإرادة واحدة، ولتكن فرصة للقادة السياسيّين أن يجعلوا من المصاعب تحديّات ويتوحّدوا للعمل على حلّها، وهذه هي الحال في العالم أجمع".

وأردف البابا تاوضروس: "قال العرب قديمًا ”يسود“ السلام عندما تتسلّط قوّة الحب على حبّ القوّة وإحدى علامات محبّة الغير هي خدمة الآخر، وهو ما يعطيه الإنسان في مجال التقدّم العلميّ الذي هدفه ان يساعد البشريّة في حياتها."

وأشار إلى كلام مصطفى الرافعيّك الذي قال "إذا لم تزد على الحياة شيئًا فأنت زائد عليها". فالاختراعات التي تساعد البشريّة هي صورة من صور محبّة الغير، كذلك المبادرات الإنسانيّة للحفاظ على البيئة، والتدخّل لوقف الحروب والصراعات والنزاعات وغيرها من أفعال الإنسان لغيره في الإنسانيّة. هكذا، فإنّ مَن عاش المحبّة عاش الحياة، ومن قدّم المحبّة أصبح في الصفوف الأولى، ودورنا جميعًا كقادة أن نتعلّم المحبّة ونعلّمها للعالم كله، لأن عالم اليوم جائع إلى المحبّة، وكما قال الكتاب المقدّس "وَكُلَّ مَا تَعْمَلُونَهُ، فَاعْمَلُوهُ فِي الْمَحَبَّةِ" .