أستراليا
17 آب 2019, 10:15

سيدني تحتفل بعيد انتقال السّيّدة العذراء

لمناسبة عيد انتقال السّيّدة العذراء، ترأّس راعي الأبرشيّة المارونيّة في سيدني المطران أنطوان شربل طربيه قدّاسًا إلهيًّا في كاتدرائيّة سيّدة لبنان في هاريس بارك /سيدني. شارك في القدّاس وفد من الكهنة وبحضور حشد من المؤمنين. وبحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام"، وجّه المطران طربيه عظة قال فيها:

 

"إنّ عيد انتقال أمّنا مريم العذراء بالنّفس والجسد إلى السّماء، هو من الأعياد الأساسيّة في تقليدنا المارونيّ. ورغم أنّ الاحتفال بهذا العيد هو قديم جدًّا بتاريخ الكنيسة إلّأ أنّ عقيدة الانتقال أعلنها البابا بيوس الثّاني عشر منذ 69 سنة، أيّ سنة 1950. ويتميّز هذا العيد بأبعاد روحيّة وكنسيّة كثيرة، إلّا أنّ الإحتفال به هو احتفال بالرّجاء الّذي يملأ قلوب المؤمنين الّذين يكرّمون العذراء والدة الإله والرّبّ يسوع المسيح.
يأخذ هذا العيد أهميّة خاصّة عند أبناء وبنات هذه الرّعيّة المباركة، رعيّة سيّدة لبنان في سدني أستراليا، هذه الرّعيّة النّابضة بالحياة الرّوحيّة والرّسوليّة، والّتي تجد في هذا العيد، فرصة مناسبة لتجتمع بإيمان ومحبّة حول العذراء مريم، أمّ الله وأمّ الكنيسة. وما أجمل اللّقاء لإكرامها وطلب شفاعتها ونحن نردّد الصّلاة بحسب اللّيتورجيا المارونيّة قائلين: مريم، يا وردة فوّاحة عطرة، أطلبي لنا أن نكون عطر المسيح الطّيّب، نفوح به في كلّ العالم. فعلى مثال العذراء مريم، نحن مدعوّون أوّلًا لأن نحمل الرّبّ يسوع في قلوبنا فيكون حاضرًا في حياتنا، وعلينا بالتّالي أن نحمله إلى العالم، ونكون رائحته الطّيّبة، في الشّهادة له وللقيم الإنجيليّة، ونصبح علامات للرّجاء في وسط عالم يتخبّط باليأس والإحباط".
وتابع: "من علامات اليأس والفشل الّتي تواجهنا اليوم في ولاية نيو ساوس ويل، هو مشروع قانون ما يسمّى بإصلاح الرّعاية الصّحيّة الإنجابيّة، الّذي يهدف، على عكس ما يوحي عنوانه، إلى تبرير جريمة قتل الحياة البشريّة في بدايتها أيّ الجنين في الأحشاء، عن طريق تشريع الإجهاض حتّى اللّحظة الأخيرة من الحمل قبل أن يبصر الطّفل النّور. نحن نؤمن بأنّنا أبناء الحياة، وأنّ الحياة عطيّة مقدّسة من الله، ونحن نؤمن أيضًا بأنّنا مؤتمنون على نعمة الحياة وعلى استقبالها، وحمايتها واحترامها ضدّ تيّار الموت والشّرّ الّذي يظهر بأشكال متعدّدة وتشريعات مختلفة. لذلك نرفض كلّ هذه التّشريعات الّتي تنشر الموت وتبرّر القتل، وتتناقض بالتّالي مع بناء ثقافة الحياة الّتي نسعى جاهدين إلى نشرها في مجتمعنا وعالمنا. قالت العذراء مريم: لأنّ القدير صنع بيّ عظائم، واسمه قدّوس، هذا الكلام يفتح أمامنا آفاقًا جديدة للرّجاء، لا ترتبط بقدراتنا الشّخصيّة والإنسانيّة على تغيير الأمور، إنّما تنبع من إيماننا بأنّ الرّبّ قادر على كلّ شيء، وهو يصنع الكثير من الأمور في حياتنا وعالمنا، ليفهمنا عظمة محبّته واهتمامه بكلّ واحد منّا.

إنّ الرّجاء الّذي نعيشه بهذا العيد يرتكز على فضيلة أساسيّة في العيش المسيحيّ وهي التّواضع. وقد عبّرت العذراء مريم عن ذلك عندما قالت، حطّ المقتدرين عن الكراسيّ ورفع المتواضعين. لقد اختار الله الآب مريم لتكون أمًّا لابنه، لأنّ إيمانها المتواضع، فتح قلبها على سرّ عظمة الله ومحبّته. فعلى مثال العذراء مريم نتعلّم أنّ التّواضع ليس تحقير للذّات إنّما هو اعتراف بالخير والصّلاح الموجود في كلّ إنسان، لأنّنا جميعًا مدعوّون إلى أن نكون على صورة الله ومثاله".
وفي ختام عظته، أضاف طربيه: "يقول القدّيس فرنسيس ده سال، أي إبن لا يريد أن تكون أمّه إلى جانبه في المجد، وهكذا نفهم معاني عيد الانتقال الّذي يقودنا إلى القول في السّياق نفسه: أيّ أمّ لا تريد أولادها حولها في المجد. وهكذا نشعر ونفهم من منطلق الإيمان والرّجاء، أنّ العذراء مريم تريدنا أن نكون إلى جانبها وجانب إبنها الرّبّ يسوع في الملكوت السّماويّ بعد هذه الحياة على الأرض.أجدّد معايدتي لكم جميعًا بهذا العيد المبارك، خصوصًا لكهنة الرّعيّة الّذين يسهرون على خدمتكم الرّوحيّة والرّعويّة، بكلّ تفاني وإخلاص. وإنّي أصلّي معكم للعذراء مريم، أمّ الله وأمّ الحياة، أن ترافق مسيرتنا في بناء ثقافة الحياة، لكي نكون شهودًا حقيقيّين للرّبّ يسوع المسيح".