لبنان
26 أيلول 2025, 07:50

سويف في بوبيل لجنة راعويّة المرأة: على المرأة أن تكون في الطّليعة لمجد يسوع

تيلي لوميار/ نورسات
في كنيسة مار جرجس- حلبا، ترأّس رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف القدّاس الإلهيّ، بمناسبة يوبيل لجنة راعويّة المرأة في الأبرشيّة.

وكانت لسويف عظة، بعد الإنجيل المقدّس، تحدّث فيها عن أهمّيّة الإفخارستيّا في حياة المؤمنين، وعن دور المرأة الرّائد في الكنيسة والمجتمع، فقال بحسب إعلام الأبرشيّة:

"نتوّج هذا الاحتفال اليوبيليّ الّذي نحييه بالأبرشيّة مع لجنة راعويّة المرأة بذبيحة الإفخارستيّا الّتي هي المكان الأقوى والوقت الأهمّ لنحتفل باليوبيل، في هذا الزّمن المبارك، والمقدّس الّذي من خلاله يدعونا الرّبّ لنشترك بمحبّته اللّامتناهية، ونكون ملتفّين حول المائدة المقدّسة، مائدة الكلمة وهي القسم الأوّل من القدّاس ومن ثمّ مائدة الخبز والخمر، جسد المسيح ودمه الطّاهر.

إشتراكنا بهذا القدّاس هو اليوبيل، لأنّه زمن النّعمة، هو هذا الوقت الّذي من خلاله يزورنا الرّبّ، يزور حياتنا، يفتقدنا، يرحمنا، الرّبّ يغفر خطايانا.

تمامًا كما نسمع كلام التّقديس في العشاء السّرّيّ الّذي هو أساس الإفخارستيّا، يقول الرّبّ في كلّ قدّاس: "خذوا كلوا هذا هو جسدي يكسر ويعطى للجميع لمغفرة الخطايا وللحياة الأبديّة"، وهذا الأمر ذاته يصير بالكأس المقدّسة.

فخلال ذبيحة الإفخارستيّا نعيش الفرح، نعيش الاحتفال، نعيش اليوبيل، لأنّه كما سمعنا بهذا التّأمّل- وخلال هذه النّدوة المميّزة الّتي شاركنا فيها- هذا اليوبيل هو البوق الّذي ينفخ، أيّ انّه صوت الله، يتوجّه للبشريّة كلّها على حدّ سواء، كي تشترك بالخلاص، وتعيش سرّ الفرح وسرّ القيامة.

ونحن بدورنا نشكر الرّبّ يا أحبّائي على هذه النّعمة المقدّسة الّتي نعيشها اليوم والّتي نعيشها برعايانا في كلّ قدّاس، في كلّ أحد، في كلّ يوم، في كلّ عيد.

وأجملها حينما نعيش يوبيل الإفخارستيّا، يوبيل الخلاص، يوبيل هذه المائدة المقدّسة، فننطلق إلى العالم لنكون في الحقيقة هؤلاء الأشخاص الّذين ينفخون بدورهم في البوق، أيّ يسمعون صوت الله، وإرادته لكلّ إنسان يلتقون به في الحياة.

هذه هي الكنيسة، وهذا هو هدف نشاط الكنيسة، وهذا هو المعنى الأساسيّ لكلّ الرّاعويّات الّتي نعيشها في كنيستنا وفي أبرشيّتنا.

أودّ أن أحيّي اليوم بطريقة خاصّة لجنة راعويّة المرأة، إذ نحتفل بهذا اليوبيل على مستوى الأبرشيّة في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا في عكّار، "حلبا" هذه العاصمة الّتي هي مركز المحافظة. أريد أن أشكركنّ أيّتها السّيّدات اللّواتي جئتنّ من كلّ مناطق الأبرشيّة لنحتفل بهذا الوقت المقدّس، ولنشكر الرّبّ ونعرف أنّه هو الّذي دعانا. وكما لاحظنا في إنجيل اليوم، كان الرّسل يتجادلون في الطّريق حين سألهم الرّبّ بماذا تتجادلون؟ حينها شعروا بالخجل، ولم يجيبوا، ولكنّه كان عارفًا بقلبه لأنّه هو الإله العظيم الّذي يعرف أسرار القلوب، هو فاحص القلوب والكلى، كان يعرف تمامًا أنّهم يتجادلون حول موضوع من هو الأكبر بينهم، فقال لهم الأكبر بينكم من هو؟ هو الّذي يكون فيكم خادمًا.

هذا هو اليوبيل.

وكما سمعنا في هذه المحاضرة القيّمة عن سفر راعوث، هذه الإنسانة المتواضعة، هذه الإنسانة الّتي خسرت كلّ شيء، هذه الإنسانة الّتي عاشت إنسانيًّا وبشريًّا كلّ اختبار لخيبة الأمل والموت، تجرّدت من كلّ شيء… وفي النّهاية أرادت أن تسمع فقط لصوت الله. ماذا صنع الرّبّ لهذه الإنسانة المتواضعة؟ رفعها وجعلها الأولى. ومنها ومن نسلها من الّذي أتى؟ 

يسوع المسيح المخلّص والفادي.

أحبّائي، 

نحن في حياتنا حين نعيش هذا الاختبار الإنسانيّ الّذي يحمل الألم ونحسب أنّ الحياة قد انتهت، وأنّنا أمام حائط مسدود، دعونا لا نستسلم لهذه التّجربة. ودعونا نؤمن بأنّ حضور الرّبّ هو الأساس، فهو الّذي قال لنا اليوم بسفر الرّؤيا: لا تخف، متوجّهًا للكنيسة- هذه المنائر السّبع- لا تخافي أيّتها الكنيسة:

فلست كنيسةً بعضلاتك، ولست كنيسةً بفكرك، ولست كنيسةً فقط ببشريّتك.

أنت كنيسة لأنّي موجود فيك، أنا موجود معك، روحي القدس هو الّذي يقودك.

من أجل هذا، نحن في هذا اليوبيل نجدّد إيماننا بيسوع، رأس الكنيسة، ربّان هذه السّفينة، بروحه القدس الّذي يجدّدها ويقودها نحو الآب والّذي يجدّدنا أيضًا ويدعونا لننطلق إلى العالم ونكون هذا البوق، هذا اليوبيل، هذا الصّوت الّذي ينادي بالحبّ، بالخير، بالغفران، بالسّلام أمام عالم- للأسف- لا يزال حتّى اليوم ينادي بالشّرّ، بالبغض، بالكبرياء، بالأنانيّة، بالحروب تلو الحروب.

اليوبيل هو نحن في الحقيقة، فلا بدّ لنا أن نكون حاملي السّلام، حاملي يسوع المسيح إلى العالم، سلام العالم، فرح العالم. دعونا لا نخاف من التّجربة، من الألم، والموت، لأنّ يسوع غلبه، انتصر بصليبه، بموته وبقيامته، ولنكن، في الطّليعة، ليس بمنطق العالم، لأنّنا لا نعمل لمجدنا، بل نعمل لمجد الله، 

لمجد الله.

لا بدّ أن نكون في الطّليعة.

على المرأة أن تكون في الطّليعة، ليس لمجدها الشّخصيّ، ولكن لمجد يسوع.

الأمّ تكون في الطّليعة، ليس لمجدها الشّخصيّ، بل لتكون قدوةً ومثالًا أمام عائلتها، ومجتمعها ورعيّتها وبالكنيسة.

أنا أريد أن أشكر من صميم القلب لجنة راعويّة المرأة الّتي حقيقةً أعتبرها هذا "الدّينامو" في الأبرشيّة. إنتشاركنّ في هذه السّنين، انتشار لو لم يكن فيه روح الله، ولو لم يكن فيكنّ روح الله، لما كان تمّ بالحسابات البشريّة. تتواجدن في أكثر من ستّين ضيعةً، ستّين رعيّةً، في وقت قليل جدًّا، لماذا؟ 

لأنّكنّ فتحتنّ قلوبكنّ للرّبّ، لروح الرّبّ، ولديكنّ همّ رسوليّ، همّ روحيّ، همّ راعويّ.

ليبارككنّ الرّبّ، نحن نحبّكنّ، ونفتخر بكنّ.

وإلى الأمام، حتّى تنتشر هذه الرّاعويّة في كلّ القرى وفي كلّ الرّعايا، في البيوت وفي العائلات، حتّى تكون الأمّ على مثال راعوث وكلّ الأمّهات القدّيسات، وخاصّةً على مثال العذراء مريم، حتّى تكون سلطانة السّماء والأرض، وأمّ العائلة، وأمّ الكاهن، وأمّ المكرّسة، وأمّ هؤلاء الشّباب والصّبية الّذين يرافقنهم في هذا الطّريق، ويوصّلنهم إلى لقاء ابنها الحبيب يسوع المسيح له المجد إلى الأبد، آمين."