متفرّقات
16 أيلول 2024, 10:50

سنغافورة، مركز القوّة الإقليميّة، وناقلة التأثيرات العالميّة

تيلي لوميار/ نورسات
بعد مغادرته روما قبل عشرة أيّام، وصل البابا فرنسيس إلى المرحلة الأخيرة من رحلته الرسوليّة الخامسة والأربعين غير المسبوقة إلى جزر جنوب شرق آسيا، الأربعاء 11 أيلول/سبتمبر. سنغافورة، مدينة الأسد باللغة السنسكريتيّة، تركّز على تحدّيات المستقبل: التكنولوجيا، والديموغرافيا، والتعايش العرقيّ والدينيّ الذي تبدو نموذجًا له، وفق "فاتيكان نيوز فرنسيّة".

 

تركة بريطانيّة أخرى هو النظام السياسيّ للمدينة. تمثّل سنغافورة "جزيرة استقرار، مقارنة بالدول المجاورة الأخرى، التي تتعرّض أحيانًا للاضطرابات من خلال الانقلابات أو التمرّد أو المظاهرات"، كما يوضح الباحث المقيم في الدولة المدينة، إيريك فريكون.

ويوضح الباحث أنّ هذه السلطة القويّة، "الديمقراطيّة غير الليبراليّة"، تمتلك الوسائل اللازمة لفرض هذا الاستقرار. منذ عام 1959، هيمن حزب واحد على السياسة، وهو حزب العمل الشعبيّ، ولم يكن للدولة سوى أربعة رؤساء وزراء منذ الاستقلال عن ماليزيا في عام 1965...وهذا النظام السياسيّ البرلمانيّ، الموروث عن النموذج البريطانيّ، لا يترك مجالًا كبيرًا للتسويات الاجتماعيّة...وليس من غير المألوف في الدولة المدينة أن تلتقي بعمّال كبار تبلغ أعمارهم 80 عامًا. تفاقم الوضع منذ الأزمات العالميّة المرتبطة بالوباء (كوفيد) والحرب في أوكرانيا. ويتعرّض الاقتصاد المحلّيّ المعتمد على التدفّقات الدوليّة لتقلّبات كبيرة وقد ارتفعت أسعاره على مدى السنوات الثلاث الماضية.

 

في هذا السياق، فإنّ الاهتمام بالمسنّين كبير، كما هو الحال مع الأطفال حديثي الولادة، الذين عددهم قليل جدًّا.  

الأسر السنغافوريّة، نقطة اهتمام للحكومة في بلد يبلغ معدّل الخصوبة فيه 1.12 طفل لكلّ امرأة، ولكن أيضًا للبابا، الذي اختار زيارة كبار السنّ في دار القدّيسة تريزا في المدينة، التي أسّستها أخوات الفقراء الصغيرات.

 

فسيفساء عرقيّة دينيّة، وأربع لغات رسميّة، يُحتفل بها في كلّ زاوية من الشوارع. تنعكس هذه الهويّة المتنوّعة، ذات اللهجات الماليزيّة والصينيّة والهنديّة والغربيّة، في نوافذ ناطحات السحاب التي تغطّي المدينة. يوم مخصّص لـ "الوئام العرقيّ"، يتمّ الاحتفال به في المدارس في عيد هذه الأمّة التي يبلغ عدد سكّانها 74% من صينيّين، و14% من ماليزيّين، و7% من هنود، وأكثر من 1% "آخرون"، أي أوراسيّين. "إنّ التحدّي الذي يواجه الحكومة هو إيجاد قواسم مشتركة لبناء الأمّة"، كما يشير إريك فريكون، مستشهدًا بالخدمة الوطنيّة، والمسيرات أو اللغة السنغافورية، والكريول السنغافوريّة المستندة إلى اللغة الإنجليزيّة، باعتبارها روابط محتملة. يتأرجح هذا المزيج الغريب بين التأثيرات الثقافيّة الصينيّة والغربية أيضًا على المستوى الجيوسياسيّ.

 

وبين الصين والغرب، لا تريد سنغافورة أن تختار أحد الجانبين. والحياد أكسبها لقب "سويسرا الشرق الأقصى".