ساكو: الإنتماء القوميّ ليس انعزالًا عن الآخرين بل هو انفتاح عليهم
"الإنتماء القوميّ ليس انعزالًا عن الآخرين، وانغلاقًا وتطرّفًا، بل هو انفتاح عليهم، والاعتراف بهم، وقبولم والتّعاون معهم. التّعصّب يُعدّ موقفًا سلبيًّا مستهانpejorative ، فالانتماء القوميّ ليس ثوبًا نلبسه ونُلبِسه للآخرين عِنوة!
قبل بضعة سنوات سألني الإعلاميّ ولسن يونان- وأدعو له بالشّفاء التّامّ- عن القوميّة الكلدانيّة ووحدة شعبنا فأجبت: إنّ أيّ مكوّن من أبناء شعبنا لا يقدر أن يؤكّد علميًّا أنّه حفيد آشور أو كلدو أو سومر، لأنّه حصلت حروب في هذه المناطق وموجات هجرة دائمة منها وإليها. ولإثبات انتمائنا القوميّ ببرهان قاطع، نحتاج إلى اختصاصيّين لتبيان ذلك. هذا ما أكّده العلامة الأب جان فيي في مجلّداته الثّلاثة عن "آشور المسيحيّة". إستخرج "القومجيّون" هذا الكلام عن سياقه، وراحوا ينتقدونني! أقولها بصراحة لا هُم ولا غيرهُم يقدر أن يفنِّد قولي هذا بغير براهين علميّة ثابتة. وبهذه المناسبة أذكر أنّ أحد رجال الدّين من كنيستنا أجرى فحصوصات DNA في إحدى المستشفيات فتبيّن أنّه خليط من القوقاز وجورجيا.
كنتُ قد أصدرتُ كتابًا بعنوان "آباؤنا السّريان" والموضوع في مجال تخصّصي، تناولتُ فيه كتاباتهم وطروحاتهم. والكتاب يشمل الآباء الأوائل من كنيسة المشرق وكنيسة السّريان الأرثوذكس patrologia siriaca ،لأنّهم كتبوا مؤلّفاتهم باللّغة السّريانيّة: شرقيّة أم غربيّة، وأهديتُ نسخة منه إلى أحد الأساقفة فرماه على الطّاولة قائلًا: شنو السّريان؟ حاولتُ أنا والأساققة الّذين كانوا معي إفهامه، أنّ هذا الموضوع علمي، فلم يقتنع حينها، إلّا أنّه بعد فترة استدرك الموضوع وطلب منّي نسخة من الكتاب. وقد خلق المتعصّبون قصّة من عنوان الكتاب، ونشروا انتقاداتهم على موقع كلدايا، وبعده على الموقع المشؤوم كلدايا مي!!!
قد تكون اللّغة المحكيّة "السورث" في العراق هي كلدانيّة– بابليّة، والسورث الّذي يحكيها الآشوريون آشوريّة وطورويو السّريان. مثلًا يستعمل كلدان سهل نينوى كلمات: بارا للخروف عوض إمرا، وبللّا للباب عوض تارعا، وأقلا للرِّجل عوض رغلا إلخ. هذه أفكار تحتاج إلى دراسة رصينة.
هناك فرق بين أن أشعر أنّي كلدانيّ وأعبّر عن كلدانيّتي، وبين أن أكون متطرّفًا ومنغلقَا. لقد ذكرت في عدّة مناسبات إنّي كلدانيّ وعائلتي كلدانيّة وأفتخر بذلك، لكن ينبغي أيضًا أن يعرف المنتقدون أنّي رجل كنيسة، والكنيسة حتّى المحلّيّة هي جامعة منفتحة على الكلّ "إذهبوا في العالم كلّه، وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين" (مرقس 16: 16). أنا رجل دين كرَّست حياتي لرسالتي المسيحيّة وعيشها ونقلها بأمانة إلى الآخرين وبكلّ ما أعطاني الله من إمكانيّات، أنا للكلدانيّ والمسيحيّ والمسلم. وقد دعوت أكثر من مرّة إلى وحدة مكوِّنات شعبنا وكنائسنا، وذكرت أنّ التّشتّت والتّحدّيات تهدّد وجودنا التّاريخيّ…
هناك شلَّة من الأشخاص يختلقون الأكاذيب والافتراءات من دون وازع دينيّ وأخلاقيّ، ينتقدون كلّ ما أكتب وأقول وأتصرّف، حتّى الكتابات الّتي أنا مختصّ بها. قال أحدهم إنّي خلقت فكرة "جائزة السّلام" وآخر إنّي اشتريت الكارديناليّة بالرّغم من إنّي علمت بهما عن طريق الإعلام ولم أسأل عن رأيي.
إنّه شيء مقرف أن يقوم موقع كلدايا مي بنشر مقالات مُشينة عن قداسة البابا فرنسيس وعنّي وعن الأساقفة والكنيسة. ما هذه الأخلاق!! إنّها أكاذيب سوف يحاسبهم الله عليها لأنّ "لا تكذب" وصيّة إلهيّة. فهذه الافتراءات لا تهزّني، بل تجعلني أكثر التصاقًا بدعوتي الكهنوتيّة وخدمتي الرّاعويّة! أسأل الله أن يهديهم!".