زحلة احتفلت بعيد أعيادها خميس الجسد الإلهيّ، وابراهيم: يجب علينا أن نبني الذّاكرة في عقول وقلوب أطفالنا وشبابنا
وترأّس المطران ابراهيم مخايل ابراهيم عند الخامسة صباحًا قدّاسًا احتفاليًّا في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة عاونه فيه لفيف من الكهنة، في حضور جمهور غفير من المؤمنين، انطلق بعده الموكب باتّجاه سراي زحلة سالكًا حارة مار الياس، بلديّة زحلة، مركز الصّليب الأحمر اللّبنانيّ، حضانة الطّفل، حيّ مار مخايل ومار جرجس وصولاً إلى السّراي.
وفي كاتدرائيّة مار مارون في كسارة ترأّس المونسنيور عبدو خوري عند الرّابعة والنّصف فجرًا قدّاسًا بمشاركة لفيف الإكليروس، وبعد القدّاس انطلق الموكب باتّجاه كنائس مار جرجس، مار الياس ومار يوسف في حوش الأمراء، ومن ثمّ باتّجاه حيّ السّيّدة حيث التقى بالموكب الصّاعد من كنيسة السّيّدة واتّجها نحو ساحة المعلّقة، حوش الزّراعنة وصولاً إلى حيّ الميدان.
وأقيم قدّاس في كاتدرائيّة القدّيس نيقولاس للرّوم الأرثوذكس وفي كنيسة القدّيس جاورجيوس للسّريان الأرثوذكس.
وإلتقت المواكب في ساحة الميدان وتوحّدت في مسيرة واحدة إلى أمام السّراي حيث التقت كلّ المسيرات.
وأمام سراي زحلة، حضر النّوّاب جورج عقيص، سليم عون والياس اسطفان، محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة، عضو المجلس الدّستوريّ القاضي إيلي مشرقاني، رئيس بلديّة زحلة- المعلّقة وتعنايل المهندس أسعد زغيب وأعضاء من المجلس البلديّ، رئيسة الكتلة الشّعبيّة السّيّدة ميريام سكاف، رئيس جمعيّة تجّار زحلة زياد سعادة، جوزف سكاف نجل النّائب والوزير الرّاحل الياس سكاف وعدد من القادة الأمنيّين والعسكريّين واستقبلوا مواكب الجسد بمشاركة جمهور غفير من المؤمنين، وعلى المنصّة الرّسميّة تواجد المطارنة ابراهيم مخايل ابراهيم، أنطونيوس الصّوريّ، بولس سفر والمونسنيور عبدو خوري ممثّلاً المطران جوزف معوّض لوجوده في السّينودس المقدّس في بكركي، وعدد من الكهنة، وأعطى الأساقفة البركة بالقربان المقدّس.
وألقى المطران ابراهيم مخايل ابراهيم عظة بالمناسبة قال فيها: "باسم الآب والابن والرّوح القدس، الإله الواحد. آمين.
أصحاب السّيادة والسّعادة والمعالي ويا أيّها الرّؤساء من قضاءٍ وإدارةٍ وسياسة وجيشٍ وأمنٍ وبلديّاتٍ ومخاتيرَ وفعاليّاتٍ زراعيّة وصناعيّة وتجاريّة وثقافيّة وصحّيّة ووسائلَ الإعلام المتنوّعة ولجنةَ تنظيم العيد والعاملين في الحقلينِ العامّ والخاصّ والحاضرين جميعًا والمتابعين إيّانا من كلّ أنحاء العالم بواسطة وسائل الإعلام والتّواصل، والّذين أتوا من بعيد ومن قريب، لكم جميعًا ألف سلام وتحية!
"يا ربّ... أنت تعرف أنّنا نحبّك": هذا هو شعار خميس الجسد لهذا العام، وهو صدىً لكلمة بطرس صخرة الكنيسة النّابعة من عمق كيانه ووجدانه، للرّبّ يسوع القائم، الأمين على وعدِ أن يحبّنا حتّى الموت. الرّبّ يسوع الّذي كان حريصًا على أن يكون تلاميذه جماعة واحدة في الحبّ، كما هو والآب واحد. أرادنا أن نحبّه فأوصانا: أَحْبِبِ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ ومِنْ كُلِّ ذِهْنِكَ ومِنْ كُلِّ قُدْرَتك". هَذِهِ هِيَ الوَصِيَّةُ الأُولَى".
وأضاف: "ثلاثة أسئلة يوجّهها يسوع لنا عبر بطرس: "أتحبّني؟" تبعَها الوصايا برعاية القطيعِ والسّهرِ عليه. وها نحن اليوم نعيش امتداد تلك الوصايا. لأنّنا نحبّ الله "حبًّا شديدًا" نعيش في كنفه دائمًا أبدًا، في السّرّاء والضّرّاء، مردّدين مع بولس الرّسول: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟" (رو 8: 35).
في أمسٍ منذ قرنين منصرمين في زحلة شُفينا بأعجوبةٍ من طاعون الجسد، فأصبحنا أصحّاء وزال الخطر. ودام صباحُ ذلك الشّفاء مشرقًا علينا، لأنّ نور الرّحمة الإلهيّة لا يغيب. نحمله في قلوبنا وأذهاننا وعيوننا. ذكرى نقدّسها مدى أجيالنا. لكنّنا اليوم نُصاب من جديد بطاعونٍ متحوّرٍ آخذٍ شكلَ فسادٍ فتّاكٍ يُهدّد حياة الوطن الّذي نعشقه لبنان وكم نحتاج إلى أعجوبة لنيل شفاء لبنان. "
وتابع: "أجدّدُ ما قلته سابقًا: "إنَّ حِفظ هذه الوديعة، الّتي هي تطوافُ خميسِ الجسد في زحلة وقد دخل عامه الـ198، يقتضي أن نبني الذّاكرة في عقول وقلوب أطفالنا وشبابنا. نحيي الذّكرى ونبني الذّاكرة." من أجل ذلك دعا الرّبُّ يسوعَ الأطفالَ أن يأتوا إليه. ليس لطهارة قلوبهم فحسب، بل لأنّهم سيحملون الوديعة ويسلّمون مشعلها من جيل إلى جيل أيضًا.
إندفعنا اليوم في تطواف يرسم مشهديّة جميلة عن غنانا في تنوّعنا. روح الشّباب المشتركِ معنا أنعشتنا. روح الشّباب فاضت وملأت شوارعنا قلوبًا نابضة. روح الشّباب تحرّك أطفالنا اليوم لخوض مسيرة ترسم مسيرة حياتهم القادمة خلف المسيح."
وإختتم المطران ابراهيم "أحبّائي جميعًا، لاسيّما الأطفال والشّباب، أنتم حجارة كنيسة المسيح الحيّة. أنتم حملة نور المسيح. أنتم غاية حبّه وقصده. أنتم ثمار شفاء المدينة من الطّاعون، لو هلِك أسلافُنا لما كنّا. كونوا مستعدّين دائمًا لحمل الوديعة وحفظِها، لاسيّما وأنّنا على عتبة اليوبيل الكبير، يوبيل المئويّة الثّانية لانطلاق خميس الجسد في زحلة، هذا اليوبيل الّذي يجبُ أن نبدأَ التّحضيرات له من اليوم، والّذي نرغبُ أن يحمل رؤية الجميع، خصوصًا الشّباب النّيّر.
أعاد الله عليكم وعلينا هذا العيد بالصّحّة والبركات وليشملكم الجسد الإلهيّ بكَرَمِهِ ومنحِه لذاته لكم ولنا بمجّانيّة فائقة ونحنُ نحبّه كثيرًا، وهو يعرفُ ذلك! آمين."
وإنطلق موكب الجسد الموحّد على بولفار زحلة، شاركت فيه المدارس الّتي قدّم طلّابها تراتيل ولوحات تعبيريّة احتفاء بالجسد المقدّس، والجمعيّات الكشفيّة وحركات الشّبيبة والفرق الموسيقيّة وحملة الأعلام، وسط عبق البخور ونثر الورود والأرز وإطلاق الحمام، وصولاً إلى مدخل وادي زحلة، فدير مار الياس الطّوق، الكلّيّة الشّرقيّة وحارة الرّاسيّة وصولاً إلى كاتدرائيّة سيّدة النّجاة، حيث عزفت موسيقى الكشّاف وأدّت الفرقة الكشفيّة التّحيّة، وأعطى المطران ابراهيم البركة الختاميّة للمؤمنين.