الفاتيكان
04 كانون الأول 2020, 12:50

رسالة من البابا فرنسيس إلى أبناء وطنه الأمّ، والمناسبة؟

تيلي لوميار/ نورسات
أراد البابا فرنسيس أن يكون حاضرًا في اليوم الثّالث والعشرين للعمل الرّاعويّ الاجتماعيّ الّذي يُحتفل به في الأرجنتين، فبعث للمناسبة برسالة مصوّرة إلى المشاركين قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز":

"كم من الأيّام الّتي عشناها معًا! أتذكّر بعضها الّتي شاركت فيها، والبعض الآخر لم أحضره.

"نحو ثقافة اللّقاء، وطن للجميع". أمّا العنوان الفرعيّ فهو: "الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة". إنّ موضوع الصّداقة الاجتماعيّة هو موضوع يقلقني، لأنّنا بسبب الخطيئة والميول، نسير دائمًا نحو العداوة والحرب. وننسى أنّ دعوتنا هي دعوة التّناغم والأخوّة وأن نكون إخوة. الصّداقة الاجتماعيّة. لنرى كيف يسير العالم. الحروب في كلّ مكان، نحن نعيش حربًا عالميّة ثالثة تتمُّ على أجزاء. وهذه ليست صداقة اجتماعيّة. نرى العديد من البلدان حيث لا يعرف الأشخاص كيف يتحاورون مع بعضهم البعض بل يصرخون، وقبل أن ينتهي الشّخص الآخر من قول أفكاره، نجيبه، من دون أن نصغي إليه. لا وجود لصداقة اجتماعيّة بدون الإصغاء، وبدون الاستماع للآخر. ولكي أصغي إلى الآخر يجب أن يكون في قلبي اقتناع بأنّ الآخر لديه شيء صالح يقوله لي.

الصّداقة الاجتماعيّة. ربّما هناك عدوان كبيران للصّداقة الاجتماعيّة. الأوّل هي الأيديولوجيّات الّتي تحكم وتسيطر على كلّ شيء. والأيديولوجيّات تنجح في تجريد الطّبيعة البشريّة من طابعها الملموس. أمّا العدو الثّاني فهي الأهواء. غالبًا ما تحاول الأهواء أن تقضي على الآخر، ولا تسمح للآخر بأن يأخذ مكانه. إنَّ الأيديولوجيّات والأهواء في جميع أنحاء العالم تتعارض مع الصّداقة الاجتماعيّة. صحيح أنّ هناك نواة جيّدة للصّداقة الاجتماعيّة في العالم، ولكن صحيح أيضًا أنّ هناك الكثير من العداوة الاجتماعيّة.

لقد ذكرت الحروب، ولكن دعونا نلقي نظرة على بعض الضّواحي. لننظر إلى الأطفال بدون مدرسة، والأشخاص الجياع، والأشخاص الّذين ليس لديهم رعاية صحّيّة، والكمّ الهائل من الأشخاص الّذين ليس لديهم مياه جارية، والأشخاص الّذين لا يستطيعون الوصول إلى الحدّ الأدنى للعيش بكرامة. هذه هي العلامات على أنّ الصّداقة الاجتماعيّة ليست موجودة في العالم اليوم. وبالتّالي سيساعدنا أن نسأل أنفسنا حول ما يحيط بنا، الأماكن القريبة من الأماكن الّتي نعيش ونعمل فيها. هل هناك صداقة اجتماعيّة؟

لو كان هناك صداقة اجتماعيّة، لما كانت هناك حروب أو احتياجات من أيّ نوع كان، أو تعليم لا يسير بشكل جيّد. لكان كلُّ شيء كاملاً. من النّتائج والعواقب ندرك إن كان هناك صداقة اجتماعيّة. ولكن لا ننسينَّ أبدًا هذين العدوّين الكبيرين: الأيديولوجيّات الّتي تريد الاستحواذ على الخبرة الّتي يعيشها شعب ما، والأهواء الّتي تشبه المحدلة على الدّوام، والّتي تسير قدمًا وتدمّر بدلاً من أن تحاور.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء الّذين تعملون في هذا اليوم الثّالث والعشرين للعمل الرّاعويّ الاجتماعيّ، أتمنّى لكم كلّ التّوفيق. قدِّموا أفضل ما لديكم ولكن ليكُن ملموسًا. لا تفكّروا بأسلوب مجرَّد، بل فكّروا بأقدام ثابتة على الأرض وبواسطة وقائع وأحداث ملموسة. ليبارككم الرّبّ. وإذا كان لديكم لحظة، صلّوا من أجلي لأنّني بحاجة إلى صلواتكم. إلى اللّقاء!".