أميركا
18 تشرين الثاني 2021, 14:50

رسالة من الأمين العامّ لسينودس الأساقفة إلى أساقفة الولايات المتّحدة الأميركيّة

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة افتتاح اجتماع أساقفة الولايات المتّحدة الأميركيّة حول مواضيع السّينودس، وجّه الأمين العامّ لسينودس الأساقفة الكاردينال ماريو غريتش رسالة إلى الأساقفة كتب فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يسعدني جدًّا اليوم أن أشارككم بعض التّأمُّلات قبل أن تبدأوا مناقشتكم حول المسيرة السّينودسيّة كمجلس الأساقفة الكاثوليك للولايات المتّحدة الأميركيّة. "إنَّ كنيسة الله مدعوّة للسّينودس". هذا السّينودس هو مسيرة روحيّة، حدث مستوحى وموجّه من الرّوح القدس. وبالتّالي فالشّهادات المختلفة الّتي تلقّيناها، والإبداع الّذي تنظّم من خلاله المجالس الأسقفيّة أو الأبرشيّات أو الرّعايا أو الجمعيّات المشاورة مع شعب الله، هي علامات تؤكّد أنّ الرّوح القدس يعمل.

على الرّغم من أنّ فرصة مخاطبتكم هي وجيزة ولكنّها بالنّسبة لي هبة وفرصة. هبة، لأنّي أستطيع أن أشارك مع العديد من الإخوة في الأسقفيّة في التزام واهتمام مشترك للكنيسة. يدعونا البابا فرنسيس لكي نكتشف مجدّدًا أنّ السّير معًا هو أكثر ما يُحقّق ويظهر طبيعة الكنيسة كشعب الله الحاج والمُرسَل. السّينودسيّة هي أسلوب لكوننا كنيسة: إنّها ثقافة، أو أسلوب في الرّؤية يتلاءم مع الحياة في الكنيسة ويجعل القيم المركزيّة للشّركة والمشاركة والرّسالة مرئيّة. ويمكننا على سبيل المثال، أن نسلِّط الضّوء على الجوانب التّالية من السّينودسيّة: أوّلاً هي تُسلِّط الضّوء على الحسِّ الملموس بأنّنا جميعًا في مسيرة مشتركة نحو إلهنا، حيث تشكّل إنسانيّتنا المشتركة والكرامة المشتركة للمعموديّة الأسس المركزيّة لهذا السّير معًا. في أساس هذه الحقيقة، نحن مدعوّون لتقييم أسلوب "السّير معًا" هذا، والتّفكير في طبيعة علاقاتنا كمعمَّدين ونعيد التّفكير في العلاقات بين العلمانيّين والأشخاص المكرّسين والكهنة.

ثانيًا، تساعدنا السّينودسيّة على اكتساب وعي عميق أنّنا في كلّ لحظة من الحوار واتّخاذ القرار والتّمييز، نحن نسعى إلى تمييز واكتشاف إرادة الله لا إرادتنا أو إرادة مجموعتنا. نحن نُصغي إلى بعضنا البعض لنصغيَ بشكل أفضل إلى صوت الرّوح القدس الّذي يتحدّث في عالمنا اليوم. وعدم الإصغاء لبعضنا البعض يعني تشويه الكنيسة داخليًّا وبالتّالي خارجيًّا. هذا الإصغاء المتبادل لا يقوّض بأيّ شكل من الأشكال المسؤوليّة المحدّدة للأساقفة لتوجيه وتأكيد هذا التّمييز؛ بل هو شرط لا غنى عنه لممارستها المثمرة. ثالثًا تحثّنا السّينودسيّة على بذل جهود حثيثة ونشيطة لدعوة الجميع إلى علاقة أعمق مع الكنيسة، في جميع أبعاد حياتها. إنّه جهد يدعو المحاورين إلى اكتشاف قيمتهم وأهمّيّتهم. كلّ شخص ثمين: لاسيّما الأفراد والجماعات المهمّشة، مثل اللّاجئين والمهاجرين والمُسنّين والفقراء. تولّد السّينودسيّة أخلاقيّات إصغاء حقيقيّة تسعى إلى أن تتعلّم من جميع أفراد المجتمع وإشراكهم بصدق ومحبّة.

رابعًا، تتطلّب السّينودسيّة استعداد الجميع للتّخلّي عن المواقف والأهداف الشّخصيّة وتبني ثقافة الحوار وصنع القرار الجماعيّ، مُدركين أنّه يمكننا أن ننال عطايا حقيقيّة وأن نغتني عندما نقوم بذلك. كذلك تتطلّب السّينودسيّة تحمّل المسؤوليّة والاستعداد للاعتراف بكلّ تواضع بالطّرق الّتي تجرح بها الكنيسة الرّجال والنّساء والأطفال والعائلات. إنّها دعوة إلى نهج رسوليّ للالتزام في العالم الّذي نعيش فيه. وبالتّالي فالمسيرة السّينودسيّة هي مسيرة عظيمة للبشارة.

إنّ المسيرة السّينودسيّة الّتي بدأت في 10 تشرين الأوّل أكتوبر الماضي في الفاتيكان، والّتي افتتحتموها جميعًا في كنيستكم في أيّام الآحاد التّالية، هي في الواقع مبنيّة على "الدّاخليّة المتبادلة" بين الكنائس الخاصّة والكنيسة الجامعة. ويمكننا أن نفهم مدى أهمّيّة العلاقات المتبادلة هذه بالنّسبة للكنيسة إذا أخذنا في عين الاعتبار الأهمّيّة اللّاهوتيّة لشعب الله. وبالتّالي أعتقد أنّ مساهمات الكنائس وعمل الخلاصة لمجالس الأساقفة هي عطايا تقدّمها كلّ كنيسة إلى الكنائس الأخرى والكنيسة الجامعة، في منطق مبدأ الكثلكة الّذي صاغه المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، والّذي ينصّ على أنّ جميع المؤمنين المنتشرين في جميع أنحاء العالم هم في شركة مع المؤمنين الآخرين بالرّوح القدس. في هذا المنطق الخاصّ بتبادل المواهب بين الكنائس، تصبح كلّ مساهمة في فهم مسيرة الكنيسة السّينودسيّة مهمّة. على عكس ما يعتقده الكثيرون، لا توجد استنتاجات مكتوبة؛ كما وأنّه ليست هناك رغبة في فرض خطّ فكريّ. هناك استعداد للإصغاء إلى الرّوح القدس من خلال الإصغاء لبعضنا البعض. إنّ رغبة أمانة السّرِّ العامّة هي تشجيع الإصغاء على جميع مستويات حياة الكنيسة والالتزام بدورها في عمليّة الإصغاء هذه من أجل اكتشاف صوت الله الحيّ.

لا تخافوا من أن تقولوا لنا بصراحة ما فهمتموه من خلال الإصغاء لشعبكم حول ما يقوله الرّوح القدس للكنيسة: لكنيستكم وللكنيسة جمعاء. من جهتنا، كأمانة السّرّ العامّة للسّينودس، سنسعد بمساعدتكم ودعمكم في مختلف مراحل المسيرة السّينودسيّة".