رسالة الكنيسة هي عمل الروح القدس، لا عمل تقنيّاتنا": البابا فرنسيس
"كيف نلهم الشباب بالحماس للرسالة؟ لا أعتقد أنّ هناك تقنيّات لذلك."
في هذا السؤال الذي طرحه جاكوب، ملقّن التعليم المسيحيّ، وفي ردّ البابا فرنسيس، يظهر أحد المواضيع الأحبّ إلى الأب الأقدس: ما الذي يكمن في قلبِ كونِكَ مرسلًا؟ كيف نعلن الإنجيل؟
هذه الأسئلة ذات صلة بكلّ مكان وزمان، ولكن، في بابوا غينيا الجديدة، البلد الذي يُتحدّث فيه بـ841 لغة مختلفة، فإنّها تأخذ صدىً خاصًّا.
في لقائه مع السلطات والمجتمع المدنيّ في بورت مورسبي، قال البابا فرنسيس أمام التنوّع الثقافيّ الهائل لبابوا غينيا الجديدة "أتصوّر أنّ هذا التنوّع الهائل يمثّل تحدّيًا للروح القدس، الذي يخلق الانسجام وسط الاختلافات!"
ردًّا على سؤال جاكوب إبّان الاجتماع مع الأساقفة ورجال الدين والرهبان وملقّني التعليم المسيحيّ، أجاب البابا بتأكيد جوهر الشهادة المسيحيّة، وهو "تنمية فرح كوننا الكنيسة ومشاركته".
في مقابلته الطويلة مع جياني فالينتي ("بدونه ، لا يمكننا فعل أي شيء"، كان البابا فرنسيس أوضح أنّ "الرسالة هي عمل الروح القدس، ومن غير المجدي أن نضطرب. لا حاجة لنا للتنظيم والصراخ...نحتاج ببساطة إلى أن نطلب أن نختبر اليوم ما الذي يجعلنا نقول، "لقد بدا جيّدًا للروح القدس ولنا". إنّ تفويض الربّ بالخروج وإعلان الإنجيل يأتي من الداخل، مدفوعًا بالمحبّة والانجذاب. أنت لا تتبع المسيح، بل وتصبح مبشّرًا به وبإنجيله بقرار تمّ اتّخاذه في مكتب أو عن طريق نشاط ذاتيّ. حتّى الغيرة التبشيريّة لا يمكن أن تكون مثمرة إلّا إذا جاءت من هذا الانجذاب ونقلته إلى الآخرين".
أمام الارتباك والتعب اللذين يختبرهما العديد من المسيحيّين في أجزاء من العالم، فإنّ شهادة الخطأة المغفورة خطاياهم الذين تجذبهم المحبّة هي وحدها التي تصنع الرسالة.
خلاف ذلك، كما قال البابا فرنسيس، في كثير من الأحيان، "تصير الكنيسة جمعيّة روحيّة، شركة متعدّدة الجنسيّات تطلق مبادرات ورسائل ذات طبيعة أخلاقيّة دينيّة"، لأنْ "ينتهي بك الأمر إلى استخدام المسيح. فأنت لم تَعدْ تشهد لما يفعله المسيح، لكنّك تتحدّث باسم فكرة معيّنة عن المسيح. أنت تنظّم الأحداث، وتمسي مديرًا متدنّي المستوى للحياة الكنسيّة، حيث يحدث كلّ شيء وفقًا لبرنامج محدّد، فقط باتّباع التعليمات. لكنّ اللقاء مع المسيح، اللقاء الذي لمس قلبك في البداية، لا يحدث مجدّدًا".
لا شيء محصّن ضدّ هذا الخطر: من المشاريع الرعوية إلى تنظيم الأحداث الكبرى، ومن التقنيّات التبشيريّة "الرقميّة" إلى التعليم المسيحيّ. يكمن الخطر في اعتبار ما هو أساسيّ أمرًا مفروغًا منه والتركيز بدلًا من ذلك على الأساليب واللغة والتنظيم.
بيد أنّ الإجابة الحقيقيّة على سؤال جاكوب، تلك التي تجسّد كلمات البابا، يمكن العثور عليها في الوجوه المبتسمة والسعيدة للمرسلين هنا الذين سافروا أميالًا سيرًا على الأقدام وبالسيّارة والطائرة ليكونوا قريبين من إخوتهم وأخواتهم وليشهدوا لمحبّة يسوع لكلّ امرأة ورجل في هذه الأرض ذات الطبيعة الخلّابة والملّونة.
لأنْ "إذا جذبك المسيح، إذا تحرّكت وعملت لأنّك منجذب إلى المسيح، يلاحظ الآخرون ذلك من دون جهد من جانبك. ليست هناك حاجة لإثبات ذلك، وأقلّ من ذلك للتباهي به".