الفاتيكان
09 آذار 2019, 06:00

رسالة الصّوم للمدبّر الرّسوليّ بييرباتيستا بيتسابالا

وجّه المدبّر الرّسوليّ لبطريركيّة القدس للّاتين، رئيس الأساقفة بييرباتيستا بيتسابالا، رسالةً محورها لمناسبة زمن الصّوم 2019 "مواجهة صحارى حياتنا التي دخلها يسوع ليختبر تجاربنا، ومجابهة جفاف حياتنا وأنشطتنا"؛ فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"زمن الصّوم كزمن التّأكيد على دخول يسوع صحارى حياتنا ليختبر تجاربنا وليضمنا إلى موكب المشاركين ‏في سرّه الفصحيّ والمنتصرين على الخطيئة والموت. إنّنا، وفي هذه الأوقات الصّعبة للكنيسة والعالم، وبينما يتعرّض إيماننا لامتحان عسير، نشعر برغبة قويّة في النّظر إلى الرّبّ ‏لنُجدّد إيماننا بحضوره بيننا وبعمله الفعّال.

 

والتزام الزّمن الأربعينيّ، هو الذي يقوم على تحدّي الصّحراء وعلى مجابهة جفاف حياتنا وأنشطتنا، بدون أن نستنجد بسراب المعجزات أو الحلول الوسط أو فقدان الأمل وأسوأ من ذلك ‏بالخطيئة. وبفضل هذا الالتزام نتشارك مع يسوع في الثّقة بمحبة الآب وبجمال ملكوته. لنتأمل يسوع واقفًا في الصّحراء، وهو يُجابه التّجربة والإحباط والجوع والتّعب، ‏ويتّكل على قوّة الرّوح القدس الموعود لكلّ من يثق به ويسلّم أمره لكلمة الله.

 

وفي وقتنا الحاضر وفي كنيستنا وجماعتنا التي تمرّ بمعاناة كبيرة، نستطيع الاحتفال بالفصح بحق إذا فتحنا حيّزًا أكبر لسماع كلام الله، وإذا صمنا عن الأنانيّة والرّوح الفرديّة وقبلنا الفقير والمحتاج، ‏وإذا فرّغنا حياتنا من كلّ ضمانة مزيّفة وانفتحنا على عطية الله وعلى نعمة المقاسمة، سننعم بخصوبة الفصح والحياة الحقيقيّة النّابعة من تقديم الذّات.

 

وأدعوكم ليحاول كلّ واحد منّا أن يجد وقتًا للإصغاء إلى كلام الله بشكل فرديّ أو جماعيّ. ليعُدِ المؤمنون إلى الكنيسة حيث يصغون إلى كلام الله بدلًا من الإصغاء إلى أنفسهم. وليتقدّموا بإيمان وتواضع من سرّ التّوبة والمصالحة. لنرجع إلى الصّوم فنزهد في الأمور التي تملأ معدتنا من دون أن تملأ قلبنا. ولنعد إلى الإفخارستيا، ولا نعتبرها مجرّد شعائر فارغة، بل مدرسة نتعلّم فيها بذل الذّات وقبول الحبّ والعطاء، ومنها نُشبع جوعنا إلى الحياة والسّعادة. ولنحاول العطاء أكثر من التّكديس، كما يُذكّرنا دائمًا قداسة البابا، لأنّ سبب وجودنا وعملنا كمسيحيّين ومكرَّسين ليس خدمة أنفسنا بل الآخرين، وخلاصهم الأبديّ.

 

وفي الختام، أطلب من الرّوح القدس، الذي اقتاد يسوع ويقتادنا إلى صحراء العالم (لو ٤: ١)، أن يحوّل إيماننا إلى بستانٍ فصحيّ ويرافقنا ويهيّئنا لقبول الحياة الجديدة في المسيح. وهذا الزّمن مناسب لتقييم ومراجعة ما تمّ إنجازه وما بقي عمله. أدعو الجميع إلى الصّلاة من أجل كنيستنا ورعاتها والعاملين فيها، أتمنّى مسيرة توبة مثمرة."