العالم
31 آب 2021, 13:50

رسالة البطريرك برتلماوس الأوّل بمناسبة اليوم العالميّ للصّلاة من أجل العناية بالخليقة

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة اليوم العالميّ للصّلاة من أجل العناية بالخليقة الذي يحتفل به سنويًّا في الأوّل من أيلول/ سبتمبر، وجّه بطريرك القسطنطينيّة المسكونيّ برتلماوس الأوّل رسالة كتب فيها بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز":

"إنَّ اليوم الرّسميّ للصّلاة من أجل البيئة الطّبيعيّة، يجد البشريّة مرّة أخرى هذا العام وجهًا لوجه مع ظواهر جوّيّة شديدة بسبب تغيّر المناخ التّدريجيّ، والفيضانات الكارثيّة والحرائق على الكوكب بأسره، وكذلك مع وباء فيروس كورونا وعواقبه الاجتماعيّة والاقتصاديّة.

إنَّ واقع أنّ تدابير الحركة التّقييديّة وفرض القيود على ال‘نتاج الميكانيكيّ الحيويّ قد أدّت إلى تقليل المواد الملوَّثة وانبعاثات الغازات، كما شكّلت أيضًا درسًا مهمًا حول تسلسل كلّ شيء في العالم وحول التّداخل المتبادل لجميع أبعاد الحياة. مرّة أخرى، ظهر واقع أنّ المبادرات البيئيّة للبطريركيّة المسكونيّة، والتي تشكّل امتدادًا للّاهوت والتّقليد اللّيتورجيّ للكنيسة، تتماشى مع نتائج العلم ونصيحة الخبراء بتحرُّك متعدد الأطراف من أجل حماية سلامة البيئة الطّبيعيّة.

نصلّي من أجل التّغلب السّريع على عواقب الأزمة الصّحّيّة، ومن أجل استنارة حكّام العالم بأسره لكي لا يعودوا أو يستمرّوا في الاقتصادانيّة، في مبادئ تنظيم الحياة الاقتصاديّة، والإنتاج والاستهلاك والاستغلال الذي يستنفد الموارد الطّبيعيّة التي كانت موجودة قبل الجائحة. إنّ الرّغبة الصّادقة في تواضعنا هي أيضًا نهاية الكشف عن آراء علميّة زائفة حول الخطر المزعوم للّقاحات ضد فيروس الكورونا، وتشويه سمعة الخبراء والتّقليل غير المتوازن من خطورة المرض. لسوء الحظ، تنتشر أطروحات مماثلة أيضًا حول تغيّر المناخ وأسبابه وعواقبه المميتة. إنَّ الواقع مختلف تمامًا، ويتطلّب الحسَّ بالمسؤوليّة والتّعاون والتّآزر والحلم المشترك.

لا يمكننا أن نتصوّر أن نكون خاملين، إذ نُدرك التّحدّيات المشتركة الكبرى التي تواجه البشريّة اليوم. إنّ اللّامبالاة تجاه إخوتنا البشر الذين يتألَّمون وإزاء دمار الخليقة الجميلة هو إساءة ضدَّ الله وفشل في احترام وصاياه. حيثما يوجد احترام للخليقة ومحبّة ملموسة للإنسان "المحبوب من الله"، يكون الله حاضرًا.

بعد المجمع المقدّس والكبير في كريت عام ٢٠١٦، عيّنت البطريركيّة المسكونيّة، وفقًا لروحه وقراراته، لجنة رسميّة من اللّاهوتيين لإعداد نصّ حول النّتائج الاجتماعيّة لإيماننا وحول الرّسالة الاجتماعيّة وشهادة الكنيسة الأرثوذكسيّة في العالم المعاصر. وفي هذا النّصّ الذي وافق مجمعنا المقدّس على نشره، والذي يحمل عنوان "من أجل حياة العالم. نحو روح اجتماعيّة للكنيسة الأرثوذكسيّة"، يتمّ التّأكيد على ما يلي: "تشجع الكنيسة المؤمنين لكي يكونوا ممتنّين ويقبلوا اكتشافات العلوم، حتّى تلك التي قد تجبرهم أحيانًا على مراجعة فهمهم للتّاريخ وفي سياق الواقع الكونيّ. إنَّ الرّغبة في المعرفة العلميّة تنبع من المصدر عينه للرّغبة في الإيمان والتّعمق أكثر في سرّ الله". إنَّ كنيسة المسيح المقدّسة والعظيمة تعزّز عدم تجزئة حماية البيئة الطّبيعيّة والمساعدة المُحبّة للقريب. إنّ السّلوك الوديّ تجاه البيئة، وكذلك الاعتراف بقدسيّة الإنسان، هما "ليتورجيا بعد اللّيتورجيا"، وبُعدَين حيويَّين للواقع الإفخارستيّ للكنيسة. إنّ حياة الكنيسة هي احترام ملموس للخليقة ومكان وأسلوب لثقافة الفرد والتّضامن.

أيّها الإخوة الكرام والأبناء الأحبّاء، في هذه المرحلة الصّعبة، يشكّل اتّخاذ المبادرات للحدِّ من الجائحة واجبًا راعويًّا أساسيًّا على الكنيسة. هناك أمر قضائيّ أخلاقيّ قاطع هو أيضًا دعم الحصول العام على اللّقاح ضدّ فيروس الكورونا، وأوّلاً للشّعوب الأشدَّ فقرًا، وفقًا لكلمة الرّبّ: "كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه". علينا أن نحبّ بعضنا البعض بالطّريقة التي أحبّنا بها المسيح؛ وعلينا أن نميّز أنفسنا كـ "كهنة" للخليقة، ونحميها ونعتني بها ونعيد هذه العطيّة الثّمينة من النّعمة الإلهيّة كشكر لخالق كلّ شيء. في الختام، نتمنّى من صميم قلوبنا لكم جميعًا عامًا كنسيًّا جديدًا مباركًا وسليمًا مع ثمار جيّدة، ونستمطر عليكم، بشفاعة عذراء باماكاريستوس، نعمة ورحمة ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح، له المجد والقوّة إلى أبد الآبدين. آمين!"