رؤية البابا فرنسيس للرجاء والتسامح والوحدة في الأوقات العصيبة
في حديثه مع ماريا برناردا يورينتي، الصحفيّة في محطّة التلفزيون الأرجنتينيّة "قناة أوربي 21" في مقرّ إقامته في الفاتيكان بعد فترة وجيزة من اختتام السينودس، أدان البابا فرنسيس "النفاق" المتمثّل في الحديث عن السلام مع "تسليح الصراعات" وأعرب عن قلقه من إضعاف المؤسّسات. تطرّقت المقابلة إلى مجموعة من الموضوعات، من بعض القضايا الأكثر إلحاحًا في العالم إلى رؤية البابا لكنيسة سينودسيّة وموضوع "الرجاء" الذي يستمرّ طوال عام اليوبيل.
نورد في ما يلي المختصر الشديد لما قاله الأب الأقدس عن المسائل المختلفة التي تطرّقت إليها المقابلة.
وصف البابا فرنسيس الحرب مرارًا بأنّها "هزيمة إنسانيّة"، معربًا عن أسفه لنفاق الدول التي تدعو إلى السلام بينما تستفيد من تجارة الأسلحة...وكرّر إيمانه الراسخ باستحالة تحقيق السلام إلّا من خلال الحوار والمصالحة الحقيقيّين.
وأعرب في المقابلة عن قلقه من أن عددًا لا يحصى من الدعوات إلى السلام تذهب سدى...وندّد بحقيقة أنّ "أحد أكبر عائدات الاستثمار في أوروبا يأتي من مصانع الأسلحة... فيما نعقد مؤتمرات للسلام..."
كذلك، أعرب عن قلقه وتحذيره من الميل العالميّ نحو التدمير الذاتيّ، وذكّر ببرج بابل التوراتيّ، مشيرًا إلى أنّ البشريّة تخاطر بمستقبلها إن استمّرت في منوالها الراهن... واعترافًا بتعقيد الصراعات الحديثة، أشار إلى فشل الأخلاق الشخصيّة وهيمنة المصالح الذاتيّة كأسباب لعدم فعاليّة الآليّات الدوليّة.
"الحوار أمر بالغ الأهميّة. من دونه، لا سلام...يجب أن نتوقف عن تدمير بعضنا البعض...وعن دور الاتّحاد الأوروبيّ في المجال قال "يجب ألّا يفقد الاتّحاد الأوروبيّ استقلاليّته في هذه المسألة. هذا ما يعزّز وحدته الداخليّة ومن هناك يستمدّ القوّة للتعامل مع الخارج..."
في عالم يزداد استقطابًا بسبب الأيديولوجيّات، دعا الأب الأقدس إلى تجديد التركيز على الحقيقة والحوار. وحذر من مخاطر إنكار الآخر...كما تحدّث ضد تشابك الدين مع سياسات الدولة، مشيرًا إلى أنّ مثل هذه التحالفات غالبًا ما تؤدّي إلى التعصّب والاضطهاد.
وبدلا من ذلك، احتفل بأمثلة على التعايش والحوار، مثل تلك التي شهدها في إندونيسيا...
وسلّط البابا فرنسيس، الضوء على أهمّيّة ما أُنجز في جمعيّة سينودس الأساقفة الأخيرة.
وأوضح: "لم تعد الكنيسة من أعلى إلى أسفل". "لم تعد الأساقفة والبابا والكهنة والراهبات. إنّ الكنيسة من الأسفل هي التي تعبّر عن نفسها وتخلق الجماعة".
قال: "الكلمة الأساسيّة هي الانسجام". في صباح يوم العنصرة عمّت الفوضى، ولكن في خضمّ تلك الفوضى، خلق الروحُ القدس الانسجامَ". كما أكّد انفتاح الكنيسة على الجميع...
بينما تستعدّ الكنيسة ليوبيل 2025 تحت شعار "حجّاج الرجاء"، شدّد البابا فرنسيس على القوّة التحويليّة للمغفرة ووصف اليوبيل بأنّه فرصة للتجديد الشخصيّ والمجتمعيّ.
"الله لا يتعب أبدًا من المغفرة. نحن الذين سئمنا من طلب المغفرة"، مشيرًا إلى أنّ اليوبيل لا يتعلّق ب "السياحة الدينيّة" بل برحلة شخصيّة عميقة نحو الشفاء والتجديد. وفي شأن الشباب، شدّد على أهمية إشراك هؤلاء الذين قال إنّهم "بحاجة إلى أن يكونوا مبدعين" ولا بدّ من إعطائهم حافز التحدّي، وآليّة مواجهته، لئلًا يستمرّوا في الدوران حول الهراء".
وصف البابا الذكاء الاصطناعيّ بأنّه "أداة رائعة وهائلة" ودعا إلى تكامله مع القيم الإنسانيّة....مشيرًا إلى أنّه يمثّل تحدّيًا لليوم.
وتعليقًا على التحدّيات الاجتماعيّة والثقافيّة التي تواجه الشباب اليوم، حذّر البابا فرنسيس من تأثير المنظّمات التي ترتكب الجمود الأيديولوجيّ الذي قال إنّ بإمكانه أن يشوّه قدرة الفرد على الحبّ والعلاقات.
وفي ما يتعلّق بالتعليم، أدان التخفيضات الواسعة النطاق في الميزانيّة، واصفًا إيّاها بأنّها "انتحار مخطط لبلد" و"جريمة".
"التعليم هو غذاء للنفس والعقل والروح"، مشيرًا إلى تلك الحكومات والأنظمة التي تقيّد الوصول إلى التعليم فينحصر التعليم العالي بالنخبة.... يجب على أي بلد توفير الموارد لجامعاته لخلق أدمغة جديدة للمستقبل".
عن الكنيسة قال "أعتقد أنّ الكنيسة مصمَّمة بالفعل بشكل جيّد، من خلال حدس الله، والروح القدس الذي يقودها، والقرارات التي تتّخذ". قال إنّه يتخيّل كنيسة "يشارك فيها العلمانيون بشكل كبير". وأضاف أنّ الرعيّة يجب أن تكون مجتمعًا يتفاعل مع الكاهن ومعًا يسعيان إلى سبيل"...
أخيرًا، عندما سئل عن رسالة إلى شعب الأرجنتين في عيد الميلاد هذا العام، قال البابا فرنسيس: "استمرّوا في الدفاع عن أنفسكم من الأيديولوجيّات ولا تسمحوا لأنفسكم بأن تُخدعوا، ناضلوا من أجل حقوقكم".