رؤساء الطّوائف الإسلاميّة والمسيحيّة في لبنان بصوت وطنيّ واحد: أوقفوا العبث بمصير الوطن والدّولة!
"في الوقت الّذي تتسارع فيه خطى الانهيار في لبنان بكلّ ما تحمله من مخاطر على المستقبل والمصير، تستمرّ الخلافات بين أهل السّياسة من أصحاب القرار، وتتعطّل محاولات التّوفيق كافّة، الدّاخليّة منها والخارجيّة، لإنقاذ الدّولة من الكارثة الّتي استدرجت إليها نتيجة حسابات خاطئة وخلافات شخصيّة، يدفع الشّعب اللّبنانيّ ثمنها غاليًا جدًّا.
إنّ أصحاب الغبطة والسّماحة والسّيادة إذ يرفعون معًا صوتًا لبنانيًّا وطنيًّا واحدًا، يدينون بشدّة استمرار هذه السّياسات الخاطئة والخلافات الشّخصيّة الّتي تجرّ لبنان إلى الطّريق المسدود. ويؤكّدون أنّ ذلك يتناقض مع أمانة الحكم ومع قواعد الوفاء للشّعب اللّبنانيّ المغلوب على أمره، ويجمعون على المواقف التّالية:
أوّلاً: التّمسّك بالولاء للبنان دولة الدّستور والقانون والنّظام، ووطن رسالة العيش المشترك، واحترام كرامة الإنسان وحقوقه وحرّيّاته، نائيًا بنفسه عن الصّراعات الخارجيّة وحساباتها الاستغلاليّة.
ثانيًا: إنّ لبنان هو فوق الحسابات الشّخصيّة، وفوق الصّراعات والخصومات السّياسيّة. إنّه وطن نهائيّ لجميع أبنائه يتساوون فيه أمام القانون في الحقوق والواجبات.
ثالثًا: التّمسّك بأهداب السّلم الأهليّ وأسس الشّراكة الوطنيّة كما حدّدها وأرسى قواعدها اتّفاق الطّائف، بعيدًا من أيّ شكل من أشكال الإبتزاز.
رابعًا: إنّ الحكم مسؤوليّة وأمانة. وتقضي الأمانة أن تكون الأولويّة لحفظ مصالح النّاس وسلامة المجتمع وأمنه واستقراره. غير أنّ ما يجري من صراعات وخلافات، يتناقض مع هذه الأمانة من حيث الشّكل والجوهر. وهو ما أدّى إلى استجرار لبنان إلى الهاوية الّتي يقف اليوم على مشارفها.
خامسًا: العمل فورًا على تشكيل حكومة "مهمّة وطنيّة" مترفّعة عن الحسابات الشّخصيّة والفئويّة، تتجاوز تفاصيل المحاصصات الّتي تخضع للابتزاز والإبتزاز المعاكس.
إنّنا نرى بحكم مسؤوليّتنا الدّينيّة والأخلاقيّة والوطنيّة أنّه ما عاد السّكوت ممكنًا على هذا الوضع الكارثيّ والمأساويّ. ليس لبنان في أزمة سياسيّة فقط، إنّه في صلب أزمة أخلاقيّة كبرى. ولذلك نرفع معًا الصّوت عاليًا حتّى يعود المسؤولون إلى رشدهم وهم على مرأى ومسمع من الشّعب اللّبنانيّ الّذي ضاق ذرعًا بهذا السّلوك وهذا التّخلّي عن مصالحه الأساسيّة وعن نظام عيشه الوطنيّ وعن مصير الوطن والدّولة.
إنّ أصحاب الغبطة والسّماحة والسّيادة يرفعون الصّوت عاليًا أن أوقفوا العبث بمصير الوطن والدّولة، فالشّعب لن يغفر والتّاريخ لن ينسى".