صحّة
10 آذار 2021, 06:21

دليل جديد لمنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية يقدّم إرشادات جديدة بشأن معدّات العلاج الإشعاعي لمكافحة السرطان

تيلي لوميار/ نورسات
أصدرت منظمة الصحة العالمية (المنظمة) والوكالة الدولية للطاقة الذرية إرشادات جديدة بشأن شراء معدات العلاج الإشعاعي، قد تفضى إلى تحسين إتاحة هذا الخيار العلاجي المنقذ للأرواح الذي ما زال مفقوداً في أجزاء كثيرة من العالم.

وتهدف الإرشادات التقنية الجديدة إلى ضمان اختيار معدات العلاج الإشعاعي المناسبة للسياقات السائدة في البلدان والمرافق الصحية وتوفير العلاج على نحو مأمون والحفاظ على الجودة واستدامة الخدمات.

وتستهدف الإرشادات الجديدة أخصائيي الفيزياء الطبية، والمهندسين المعنيين بشؤون الطب الحيوي والسريري، وأخصائيي الأورام الإشعاعية، وأخصائيي طب الأورام، وأي شخص آخر مسؤول عن تصنيع معدات العلاج الإشعاعي أو تخطيطها أو اختيارها أو شرائها أو تنظيمها أو تركيبها أو استخدامها. وقد أُعدّت الإرشادات في سياق التعاون المستمر بين المنظمة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز السلامة والجودة في استخدام التكنولوجيا الإشعاعية للأغراض الطبية.

 

أكثر من نصف مرضى السرطان يحتاجون إلى العلاج الإشعاعي

يحتاج أكثر من 50٪ من مرضى السرطان إلى العلاج الإشعاعي في إطار الرعاية المقدمة لعلاج السرطان، وكثيراً ما يُستخدم الإشعاع لعلاج الأنواع الأكثر شيوعاً من المرض، مثل سرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان القولون والمستقيم، وسرطان الرئة. غير أن إتاحة العلاج الإشعاعي غير كافية، وخصوصاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

وفي هذا الخصوص، قالت السيدة مي عبد الوهاب، مديرة قسم الصحة البشرية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "إن بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تثبت أن العلاج الإشعاعي غير مُتاح بعدُ في ثلث البلدان تقريباً، منها 28 بلداً في أفريقيا، وسيستفيد الكثير منها من زيادة إتاحة خدمات العلاج الإشعاعي. ومن الضروري إيجاد حلول مصمّمة خصيصاً لعلاج الأورام بالإشعاع وفقاً للوضع السائد على أرض الواقع، على أن يُدعم ذلك ببنية تحتية مناسبة تكفل السلامة".

وتشتمل أنواع معدات العلاج الإشعاعي التي يتناولها الدليل على أجهزة العلاج الإشعاعي بحزم الأشعة الخارجية (من نوعي كوبالت-60 والمسرعات الخطية معاً)، وأجهزة العلاج الإشعاعي الموضعي التي توجه مصادر الإشعاع مباشرة إلى الأورام وأجهزة التصوير التكميلية مثل أجهزة محاكاة التصوير المقطعي التقليدية أو المُحوسبة، فضلاً عن سائر الأدوات الضرورية للتشغيل الآمن ومراقبة الجودة. ورهناً بنوع جهاز العلاج الإشعاعي، فقد تتباين الحاجة إلى المهنيين المتخصصين والبنية التحتية المتخصصة، فضلاً عن ضمان الجودة وخدمات الصيانة.

كما يتناول الدليل موضوع السلامة بشكل مستفيض ويقدم معلومات عن التخطيط لإقامة مستودعات محصنة لإيواء معدات العلاج الإشعاعي وحماية الجدران والأرضيات والسقوف وأزرار الطوارئ في غرف العلاج والتحكم. وإضافة إلى ذلك، يتضمن الدليل إرشادات واضحة بشأن ما يلزم فعله لضمان تشغيل المعدات طوال مدة عمرها الأمثل الذي يتراوح عادة بين 10 سنوات و15 سنة.

ويساعد اختيار نظم العلاج الإشعاعي الملائمة لمواضع معينة والمتوافقة مع قدرات القوى العاملة الموجودة في ضمان توفير العلاج الإشعاعي المأمون، ويسهم في تحسين إتاحة العلاج المنقذ للأرواح عن طريق التقليل إلى أدنى حد من حالات انقطاع الخدمة بسبب توقف الجهاز عن العمل، كما يرسي أساساً متيناً لمواصلة توسيع نطاق تقديم الخدمات في الحالات التي يكون فيها نظام الرعاية الصحية جاهزاً لاعتماد نظم علاج إشعاعي أكثر تعقيداً.

ومن جانبها، قالت الدكتورة بينت ميكلسن مديرة إدارة الأمراض غير السارية في المنظمة: "مع أن حالات انقطاع معدات العلاج الإشعاعي عن العمل قد سبقت جائحة كوفيد-19، فقد تفاقمت تلك الحالات اثناء اندلاع الجائحة بسبب الأعطال التي تعرضت لها سلاسل الإمداد العالمية والعقبات التي اعترضت تنقل موظفي الخدمات التقنية بحرية. وبإمكان أي تحسين يقلل حالات الانقطاع هذه أن يحدث فرقاً من حيث البقاء على قيد الحياة أو الوفاة بالنسبة إلى المرضى الذين تواصل الأورام التي يعانون منها نموها في أجسامهم أثناء انتظارهم للعلاج".

غير أن معدات العلاج الإشعاعي هي عنصر واحد ليس إلا من عناصر خدمات التدبير العلاجي للسرطان. وثمة معدات أخرى يلزم توفيرها لتيسير خدمات الكشف المبكر والتصوير التشخيصي والفحوص المختبرية وعلم الأمراض والجراحة والعلاج المنهجي والرعاية الملطفة. وترد التكنولوجيات المرتبطة بجميع هذه الخدمات في قائمة المنظمة للأجهزة الطبية ذات الأولوية للتدبير العلاجي للسرطان.

 

المبادرات العالمية بشأن السرطان

يؤدي العلاج الإشعاعي دوراً هاماً في مجال علاج سرطان عنق الرحم الذي يشكل أحد الأسباب الرئيسية لوفيات النساء الناجمة عن السرطان، والذي أطلقت المنظمة في العام الماضي استراتيجية عالمية للتخلص منه.

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة نونو سيميلا، المدير العام المساعد لإدارة الأولويات الاستراتيجية في المنظمة: "إن سرطان عنق الرحم قابل للشفاء منه إذا تداركناه في وقت مبكر. ولدينا الأدوات اللازمة لإنقاذ الأرواح، علماً أن العلاج الإشعاعي واحد منها، وهو أيضاً من أكثر الأدوات فعالية لتخفيف الآلام والمعاناة الناجمة عن الإصابة بأنواع السرطان في مراحل متقدمة".

وفي الآونة الأخيرة، قام المرفق الدولي لشراء الأدوية "اليونيتيد"، وهو وكالة صحية عالمية تعمل على إيجاد حلول مبتكرة للوقاية من الأمراض المعدية الرئيسية وتشخيصها وعلاجها في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بتوسيع نطاق حافظته لتشمل الأمراض المرافقة لفيروس العوز المناعي البشري، مثل سرطان عنق الرحم. وفي هذا السياق، قال السيد روبرت ماتيرو مدير شعبة البرامج في اليونيتيد: "مع أن الاستثمارات الحافزة المقدمة من اليونيتيد تستهدف البرامج المعنية بفحوص الكشف عن سرطان عنق الرحم، فإن الوظائف الحيوية مثل شراء معدات العلاج الإشعاعي تمثل عنصراً هاماً للاستمرار في تقديم الرعاية لأي امرأة يلزمها علاجاً لسرطان غزوي".

ويعدّ العلاج الإشعاعي جزءاً لا يتجزأ أيضاً من مكافحة سرطان الثدي وسرطان الأطفال، وهما مبادرتان رئيسيتان أخريان من مبادرات المنظمة العالمية بشأن مكافحة السرطان. وستصب التغييرات التي ستيسّر إحداثها الإرشادات الجديدة في منفعة ملايين المرضى المصابين بالسرطان في العالم، بمن فيهم النساء اللواتي يتلمسن علاجاً لسرطان الثدي، الذي أصبح الآن الشكل الأكثر شيوعاً من السرطان على صعيد العالم.

وتعدّ المواصفات الجديدة تحديثاً لنسخة سابقة صدرت عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونُشرت في عام 2008.

تدعم المنظمة البلدان في تعزيز سياساتها الوطنية لمكافحة السرطان ونظم الرعاية الصحية وضمان تحديد الأولويات المناسبة واستحداث أو تعزيز خدمات الرعاية الصحية الجيدة والميسرة والمنصفة في مجال علاج السرطان في إطار تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وتركز المنظمة جهودها بشأن مكافحة السرطان على أنواع السرطان التي تصيب الأطفال وعنق الرحم والثدي.

وتدعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية البلدان في استخدام الأدوية النووية والإشعاعية لمكافحة طائفة من الأمراض غير السارية، ومنها السرطان. كما تدعم الوكالة البلدان في مجال تعبئة الموارد وشراء المعدات، وكذلك من خلال توفير التدريب والتعليم والبحوث والوثائق الإرشادية وفي إجراء تقييمات الجودة وإيفاد البعثات.

 

المصدر: منظمة الصحة العالمية