الفاتيكان
17 آذار 2020, 06:55

دعوة من البابا فرنسيس إلى العائلات القابعة في الحجر الصّحّيّ، ما هي؟

تيلي لوميار/ نورسات
"نتابع صلاتنا من أجل المرضى. أفكّر بالعائلات المحبوسة في بيوتها، فالأطفال لا يذهبون إلى المدارس وربّما لا يمكن للأهل أيضًا أن يخرجوا وربّما البعض منهم موجود في الحجر الصّحّيّ. ليساعدهم الرّبّ لكي يكتشفوا أساليب جديدة في التّعبير عن المحبّة والتّعايش في هذا الوضع الجديد. إنّها مناسبة جميلة لكي نكتشف مجدّدًا العاطفة الحقيقيّة بشكل مبدع في العائلة. لنصلّي إذًا من أجل العائلة لكي تزهر العلاقات العائليّة في هذه المرحلة لصالح الخير على الدّوام".

بهذه الكلمات رفع البابا فرنسيس أمس صلاته إلى الله خلال قدّاسه الصّباحيّ في كابيلا القدّيسة مرتا، مظهرًا مرّة جديدة قربه من المؤمنين الّذين يعانون بسبب وباء كورونا.

وتأمّل الأب الأقدس في سفر الملوك الثّاني وفي إنجيل لوقا، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "نجد في هذين النّصّين اللّذين تدعونا اللّيتورجية اليوم لكي نتأمّل فيهما موقفًا يلفت الانتباه، موقف بشريّ ولكنّه ليس موقفًا جيّدًا وهو الاستخفاف الازدراء. كان النّاس يَشَهدونَ لَيسوع بِأَجمَعِهِم، ويَعجَبونَ مِن كَلامِ النِّعمَةِ الَّذي يَخرُجُ مِن فَمِه، ولكن كان هناك من يقول: "أَما هذا ابنُ يوسُف ومريم؟ أليس نجّارًا؟ فماذا أتى يقول لنا؟" فبدأ الشّعب يشعر بالاستخفاف والازدراء، وهذا الأمر حمل الأشخاص على العنف، وبعد أن كانوا يعجبون لكلام يسوع ويدهشون به َقاموا وَدَفَعوهُ إِلى خارِجِ المَدينَة، وَساقوهُ إِلى حَرفِ الجَبَل، الَّذي كانَت مَدينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقوهُ عَنهُ. وكذلك نعمان الّذي كان رجلاً صالحًا منفتحًا على الإيمان لكن عندما جاء إليه النّبيّ وطلب منه أن يغتسل في الأردنّ سبع مرّات شعر بالاستخفاف والازدراء وقال: "كُنتُ أَحسَبُ أنّه يَخرُجُ ويَقِفُ ويَدْعو بِآسمِ الرَّبِّ إِلهِه ويُرَدِّد يَدَهُ فَوقَ المَوضع وَيُبريء الأبرَص. أَليسَ أَبانَةُ وفَرفَر، نَهْرا دمَشق، خَيرًا مِن جَميعِ مِياهِ إِسْرائيل؟ أَفلا أَغَتَسِلُ فيهما وأَطهُر؟" وانصَرَفَ راجِعًا وهو مُغضَب".

في النّاصرة أيضًا كان هناك أشخاص صالحين ولكن ما كان السّبب الّذي حمل هؤلاء الأشخاص على الشّعور بالاستخفاف والازدراء؟ والأسوأ من ذلك على العنف أيضًا؟ إن كان النّاس في المجمع وإمّا نعمان كانوا يعتقدون أنَّ الله يظهر فقط في الأمور الغريبة والفائقة الطّبيعة فقط وفي الأمور غير العاديّة وبأنّ الله لا يمكنه أن يعمل في أمور الحياة اليوميّة وفي البساطة. لقد كانوا يزدرون البساطة والأمور البسيطة. لكنّ إلهنا يفهمنا أنّه يعمل في البساطة على الدّوام: في بساطة بيت الناصرة، في بساطة العمل اليوميّ وفي بساطة الصّلاة... بمعنى آخر في جميع الأمور البسيطة. أمّا روح العالم فيحملنا على الغرور والكبرياء والمظاهر وهذه الأمور تقودنا في النّهاية إلى العنف: لقد كان نعمان رجلاً مؤدّبًا ولكنّه أغلق الباب في وجه النّبيّ ومضى غاضبًا. إنّه تصرّف عنيف وكذلك الشّعب في المجمع ثاروا لدى سماعهم كلام يسوع وقرّروا أن يقتلوه فقاموا وَدَفَعوهُ إِلى خارِجِ المَدينَة، وَساقوهُ إِلى حَرفِ الجَبَل، الَّذي كانَت مَدينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقوهُ عَنهُ. إنّ الازدراء والاستخفاف هما تجربة سيّئة تحمل على العنف.

لقد أروني منذ بضعة أيّام على هاتف ذكيّ فيلمًا قد صوّر على مدخل أحد مباني الحجر الصّحّيّ، كان هناك شابّ يريد الخروج فمنعه الحارس من الخروج لكن هذا الشّابّ انهال ضربًا على الحارس بإزدراء قائلاً له: "من أنت لتمنعني من الخروج". إنّ الازدراء هو موقف المتكبّرين، المتكبّرين صغار النّفوس والّذين يعيشون في وهم أنّهم أكثر ممّا هم عليه فعليًّا. إنّها طبقة روحيّة هؤلاء الأشخاص الّذين يشعرون بالازدراء لا بل غالبًا ما يحتاج هؤلاء الأشخاص للشّعور بالازدراء لكي يشعروا بأنّهم أشخاص. وهذه لأمور قد تحصل لنا نحن أيضًا "التّشكُك الفرّيسيّ" كما يسمّيه اللّاهوتيّون وهو أن أتشكّك إزاء بساطة الله وبساطة الفقراء وبساطة المسيحيّين كمن يقول: "لا يعقل أن يكون هذا الله لا، هذا غير ممكن، لأنّ إلهنا أكثر حكمة وأكثر أهمّيّة، وبالتّالي لا يمكن لإلهنا أن يتصرّف بهذه البساطة". والإزدراء يحملنا دائمًا على العنف أكان العنف الجسديّ أو عنف الثّرثرة الّذي يقتل تمامًا كالعنف الجسديّ.

لنفكّر في هاتين القراءتين: إستخفاف وازدراء النّاس في المجمع في النّاصرة، وازدراء نعمان لأنّهم لم يفهموا بساطة إلهنا".