دعوة بابويّة إلى المسكونيّة والحبّ
وتابع بحسب "إذاعة الفاتيكان"، شاكرًا الله على أنّ "هذا اللّقاء قد أوضح أنّ السّنوات الخمسمائة من التّاريخ، فائق الألم في بعض الأحيان، الّتي كنّا فيها في تناقض وغالبًا في خلاف قد تركت المجال في السّنوات الخمسين الأخيرة لشركة متنامية. وبفضل عمل الرّوح القدس، واللّقاءات الأخويّة ولفتات هامّة تنطلق من منطق الإنجيل لا من استراتيجيّات البشر، وأيضًا من خلال الحوار اللّوثريّ الكاثوليكيّ الرّسميّ، كان ممكنًا تجاوز أحكام مسبقة قديمة من الطّرفين، ونرجو بعون الله مستقبلاً يسير نحو تجاوز كامل للاختلافات.
والاحتفال المشترك بذكرى الإصلاح قد أثبت لنا أنّ المسكونيّة ستواصل تمييز مسيرتنا، المسكونيّة الّتي تصبح بشكل متزايد ضرورة ورغبة حسب ما تؤكّد الصّلوات المشتركة العديدة والكثير من اللّقاءات المسكونيّة الّتي تمّت العام المنصرم في العالم. ومن الضّروريّ الانطلاق من الصّلاة، كي لا تكون المشاريع البشريّة ما يحدّد الطّريق بل الرّوح القدس، فهو وحده الّذي يفتح الطّريق وينير الخطوات الّتي علينا القيام بها، ولا يمكن لروح الحبّ إلّا أن يدفعنا على دروب المحبّة. وكمسيحيّين، كاثوليك ولوثريّين، نحن مدعوّون إلى أن نحبّ بعضنا بعضًا "حُبًّا ثابِتًا بِقَلبٍ طاهِر"، لأنّنا وُلدنا ولادة ثانية "مِن كَلِمَةِ اللهِ الحَيَّةِ الباقِيَة" (راجع 1 بط 1، 22 ــ 23). ولكنّنا مدعوّون أيضًا إلى أن نخفّف معًا بؤس المعوزين والمضطهدين، وتشكّل آلام الكثيرة من أخوتنا المضطهدين بسبب إيمانهم بيسوع دعوة ملحّة لبلوغ وحدة بيننا ملموسة وبيِّنة بشكل أكبر".
ودعا البابا إلى الدّعم المتبادل في المسيرة وذلك أيضًا بمواصلة الحوار اللّاهوتيّ، "لأنّه لا يمكن لأيّ حوار مسكونيّ التّقدّم إذا ظللنا بلا حراك، بل علينا مواصلة السّير لا بلهفة الرّكض إلى الأمام لبلوغ أهداف مرجوّة، بل بالسّير معًا بصبر أمام أعين الله. إنّ بعض القضايا تتطلّب التّأمّل الدّقيق والمتقاسَم. إنّ المسكونيّة من جهة أخرى لا يمكن أن تكون قضيّة محصورة على النّخبة، بل يجب وبأكبر شكل مكن إشراك الكثير من الأخوة والأخوات في الإيمان كي نكبر كجماعة تلاميذ يُصلّون ويحبّون ويعلنون. وعلى هذا الأساس سيساعدنا الحوار المسكونيّ، بإرشاد الرّوح القدس، على التّقدّم في الفهم المشترك للوحي الإلهيّ، وهو ما يتعمّق من خلال معرفة ومحبّة الرّبّ يسوع المسيح بشكل مشترك، وذلك لأنّ "فِيه يَحِلُّ جَميعُ كَمالِ الأُلوهِيَّةِ حُلولا جَسَدِيًّا" (قول 2، 9)، و"قَد حَسُنَ لَدى الله ... أَن يُصالِحَ بِه ... كُلَّ موجود" (راجع قول 1، 19 – 20)".
وفي الختام، تضّرع البابا فرنسيس إلى الله كي يرافق الكنيسة "من أجل أن يكون كوننا مسيحيّين متمحورًا فيه بشكل متزايد، وشجاعًا في الرّسالة، وأن يغتني العمل الرّعويّ بالخدمة ويُطبع بروح المسكونيّة بشكل أكبر في أبعاده المختلفة". وطلب من الله أن يبارك ضيوفه وقال: "لينزل الرّوح القدس ويوحّد ما لا يزال منقسمًا"، ودعا الجميع إلى أن يصلّوا معًا صلاة الأبانا.