درويش من إربيل: آن الأوان أن نتخطّى الخبرات السّيّئة ونحترم بعضنا البعض
وقال درويش في كلمته:" أحيّي جمعيّة حوار الحضارات إقليم كردستان، وعبرها أحيّي رئيس الإقليم والمسؤولين فيه، أحيّي الإخوة والأخوات في هذا الإقليم الخيّر.
آمل أن يعطي هذا المؤتمر ثمارًا جيّدة وينتهي بتوجيهات عمليّة، أهمّها أن نعرب جميعًا عن اقتناعنا بأنّ الحوار هو السّبيل الوحيد لبناء الإنسان وبناء المجتمع، وهو العامل الأساس لبناء سلام مبنيّ على العدالة وعلى المحبّة.
لقد نشأت في بيئة عربيّة يتعايش فيها المسيحيّ والمسلم، وبهذا اعتبر نفسي محظوظًا لأنّنا واجهنا سويًّا نفس التّحدّيات والطّموحات. ومع الوقت بدأت أكتشف النّقاط الكثيرة المشتركة بيننا وتعلّمت أن أحبّ هذا الإنسان الآخر المغاير لي.
لذلك عندما أتحدّث عن الحوار، أتحدّث عن موضوع عشته طوال حياتي، وخبرته في علاقاتي الإنسانيّة، ولم أتردّد يومًا في نقل خبرتي هذه إلى الآخرين. وأنا أدعوكم من خلال لقائنا اليوم أن تختبروا معي فرح مشاركة الآخر وفرح الحوار مع الآخر.
من أصعب الأمور أن نفقد الرّغبة في التّواصل والحوار، فذلك يجعلنا ننطوي على ذواتنا فيتولّد لدينا خوف من الآخر.
إنّ بداية الحوار هو أن نقبل الآخر بخبراته الرّوحيّة والإنسانيّة، وأن يعبّر كما يشاء وبالطّريقة الّتي يريد عن علاقته بالله. والهدف من الحوار أن نصل إلى لغة مقبولة من الجميع نفهمها ونتخاطب بها. ومن صفات الحوار أن نكون واضحين، نتكلّم بما نفكّر بتواضع، بصبر، بلطف، بكرم وثقة.
كعربيّ ومسيحيّ لم أجد أبدًا مشكلة بالحوار مع أيّ إنسان آخر لاسيّما مع المسلم، فنحن أبناء إثنيّة واحدة وأبناء حضارة واحدة وثقافة واحدة، نحمل القيم ذاتها، تربّينا وترعرعنا في بيئة واحدة وتنشّقنا الهواء نفسه.
تاريخنا يحمل فواصل كثيرة مشتركة، فيه ما هو مشرّف وفيه أيضًا عدم تفاهم وعداوات واتّهامات. كلّنا تعلّمنا أن نتحرّر من هذه المظالم الّتي ارتكبت باسم الدّين. تعلّمنا أن نغفر لبعضنا ونسامح ونجدّد علاقات الأخوّة.
لقد آن الأوان أن نتخطّى الخبرات السّيّئة ونحترم بعضنا البعض في تنوّع تراثنا الدّينيّ. آن الأوان لنسعى بجدّيّة إلى تقدير بعضنا والاعتراف ببعضنا.
هل تريدون أن تتوقّف الحروب والنّزاعات والعنف؟
هل تريدون أن تغلق مصانع الأسلحة؟
تعالوا نتحالف بالمحبّة!..
دورنا نحن المؤمنون هو أن نصنع السّلام، أن نتجنّد لنكون رسل السّلام والعدالة. وحده التّعاون بين المؤمنين يؤمّن العدالة والسّلام في المجتمع، فنحن شركاء في إنسانيّتنا، والحوار بيننا هو أكثر من تبادل أحاديث وحلّ مشاكل آنيّة، الحوار هو لقاء قلوب وحجّ نحو الآخر وإن كان هذا الآخر مغاير لي في التّفكير والعقيدة وفي طرق العبادة. في حواري معه أقبل بما يؤمن وأدعوه ليقبل بما أؤمن.
أنا أفهم أنّ الدّيانات يجب أن تكون حامية "حضارة الوفاق" بين النّاس، تعطيهم الثّقة بمستقبل أفضل، ليس لأتباع ديانة معيّنة فحسب، إنّما لجميع البشر، فمن غير الممكن أن نبني عالمًا تسوده العدالة بدون تضامن حقيقيّ بين المؤمنين على الرّغم من الضّغوط العدائيّة والتّطرّف الدّينيّ الّذي نشهده من بعض الجماعات، لا نزال نؤمن بأنّ زمننا سيكون زمن سلام.
والمهمّ أن نتكاتف ولا ندع وقتنا يوصف بـ"زمن الرّعب" بل يجب أن يكون وقتًا نحتفل به بأخوتنا، فيصبح عصرنا عصر الأخوّة بين البشر.
أدعوكم اليوم أن نوجّه نداءً واضحًا ليعتنق العالم مبدأي الأخوّة واحترام الآخر.
أدعوكم لنوجّه رسالة سلام إلى العالم كلّه، لأنّ العالم يتوق إلى أن يضع المحبّة فوق الكراهيّة، والمصالحة فوق الحرب، والحوار بدل الاقتتال. من الضّروريّ إذًا أن نواصل الحوار وأن نشجّع على إقامة علاقات روحيّة بيننا جميعًا، هذا الحوار أجده رغبة إلهيّة لتتناغم العائلة البشريّة، فيجد النّاس المودّة والاحترام المتبادل.
جئنا اليوم إلى أربيل لنبارك لكم التزامكم الحوار بين الحضارات، لاسيّما الحوار بين الأديان، فلنكن على استعداد دائم لتتلاقى أعمالنا مع طبيعة الله لأنّ "الله محبّة.""
وواصل درويش زيارته إلى إقليم كوردستان، وزار وزير الصّحّة في الإقليم ريكوت حمه رشيد، وعرض معه سبل التّعاون بين الإقليم ومستشفى تلّ شيحا في مجال الخدمات الصّحّيّة.
واستقبل في مقرّ إقامته رئيس حزب الشّعب التّركمانيّ في العراق وعضو مجلس إدارة محافظة كركوك عرفان كركوكلي، ورئيس المنظّمة العالميّة لحقوق الإنسان خالد ولي. واجتمع مع رئيس مكتب العلاقات في الحزب الدّيمقراطيّ التّركمانيّ عماد طه.