لبنان
17 آب 2020, 13:30

درويش في عيد السّيّدة: الأحداث الأليمة الّتي مرت علينا جعلتنا نستكين إلى السّماء فهي وحدها نصيرتنا

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران عصام يوحنّا درويش بعيد انتقال السّيّدة العذراء بالنّفس والجسد إلى السّماء، وعيد الأبرشيّة، في قدّاس إلهيّ ترأّسه في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة- زحلة، عاونه فيه لفيف من كهنة الأبرشيّة بحضور المعتمد البطريركيّ الأنطاكيّ للرّوم الأرثوذكس في روسيا المتروبوليت نيفن صيقلي وراعي أبرشيّة زحلة وبعلبك وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصّوريّ.

بعد الإنجيل، كانت عظة للمطران درويش قال فيها:

"أحيّيكم أيّها الأخوات والأخوة في هذا النّهار المبارك، في عيدة السّيّدة، سيّدة الانتقال، شفيعتي وشفيعتكم، أحيّي كلّ أبناء وبنات أبرشيّتنا المقيمين في الأبرشيّة والمقيمين خارجها في لبنان وفي بلاد الانتشار، هذا العيد هو عيد كلّ واحد منكم فالعذراء مريم هي سيّدة بيوتنا وسيّدة حياتنا وسيّدة وطننا، بها نستظلّ وبها نجد رجاءنا وفرحنا.

في هذا العيد نؤكّد تعبّدنا وإكرامنا لمريم العذراء، سيّدة النّجاة، أمّ المخلّص، الممتلئة نعمة والشّفيعة الحارّة، نسألها أن تمنَّ على كلّ واحد منّا بعطفها وحنانها وتبارك جهودنا وجهود كهنة الأبرشيّة ورهبانَها وجميع العاملين معنا.  

لقد جرت العادة في الكنيسة منذ القدم، أن يسمّي المطران شفيع الكنيسة عند بنائها، لكن سيّدة النّجاة سمّيت بالإجماع فقد جاء أجدادكم إلى دار المطرانيّة عام 1841 ونادوا مع المطران باسليوس شاهيات بتسمية الكاتدرائيّة على اسم سيّدة النّجاة، لذلك نعتبر أنّ هذه الكاتدرائيّة هي مسؤوليّة كلّ واحد منكم، وعندما تحافظون عليها تحافظون على إيمانكم وعلى مدينتكم وعلى ذكرى أجدادكم.

عيد سيّدة الانتقال أو عيد نياح العذراء هو أهمّ أعياد مريم العذراء يسبقه خمسة عشر يومًا من الصّوم والصّلاة، ويعود تاريخه الى القرون الأولى، فالرّسل اجتمعوا في أورشليم ليودّعوا مريم وقد شاهدوها وهم يرفعون القرابين محاطة بالملائكة فصرخوا بصوت واحد: "يا والدة الإله الكلّيّة القداسة أعينينا" ويقول التّقليد إنّهم ذهبوا إلى القبر وتحقّقوا من حقيقة انتقالها.  

يختلف العيد هذه السّنة عن كلّ سنة، فالأحداث الأليمة الّتي مرّت علينا، من وباء كوفيد فالأزمة الاقتصاديّة وانفجار بيروت، جعلتنا نستكين إلى السّماء فهي وحدها نصيرتنا، هي وحدها تحمينا وترشدنا إلى الحقّ.

نرفع الدّعاء ليرحم الرّبّ الّذين رقدوا على رجاء القيامة والشّفاء للّذين أصيبوا بجروح مختلفة نتيجة الانفجار الكبير المدمي، نسأل الله أن يشفي مرضى الكورونا ويصونكم جميعًا من هذا الوباء الفتّاك.

نحن على قناعة بأنّ هذه الأحداث المأساويّة الّتي نعيشها ستساهم في إيقاظ الرّحمة في قلوبنا، فنحن عطشى ليكشف الله لنا ذاته ويجذبنا إليه وبأن تتكلّم المحبّة فينا، وأن يساعدنا على تخطّي الأوضاع المؤلمة الّتي نمرّ بها ويشفق علينا، فمعه نصرخ: "يا أبتاه، إن كان يُستطاعُ فلتعبر "عنّا" هذه الكأس! ولكن، ليس كما "نشاء" بل كما تشاءُ أنتَ" (متّى 26/39).

سمعنا في إنجيل اليوم أنّ امرأة قالت ليسوع وهو يتكلّم: "طوبى للبطن الّذي حملك.." ويسوع أجابها "بل طوبى للّذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها" (لوقا11/27-29).

أراد يسوع أن يمدح كلّ من يسمع له ويحفظ تعليمه ووعدهم بأنّ من يعيش وصاياه يجد السّعادة، وفي قوله هذا يمدح أمّه مريم ليس لأنّها حملته فقط ولكن لأنّها سمعت كلمة الله وآمنت بها."

زرع الله كلمته فينا وهو يدعونا لنحفظها ونعيشها ونجسّدها في سلوكنا اليوميّ وفي طريقة حياتنا. لنطلب من مريم العذراء في عيد انتقالها أن تحرسكم وتحرس هذه المدينة العزيزة وتُبعد عنها كلّ مرض وشدّة. آمين."