درويش: عندما نأخذ كلام يسوع بجدّيّة تصير حياتنا كاملة ومقدّسة
"في عشيَّةِ ذلكَ اليومِ عينِهِ وهو الأَوَّلُ من الأسبوع. والأَبوابُ مُغلقةٌ حيثُ كانَ التَّلاميذُ مُجتمِعينَ خوفًا منَ اليهود. جاءَ يسوعُ ووقفَ في الوَسطِ وقالَ لَهُم. السَّلامُ لكم (يوحنّا20/19).
دخل القائم من بين الأموات من الأبواب المغلقة، خاف الرّسل أوّلًا عندما وقف في وسطهم وأعطاهم السّلام. تعبّر هذه الصّورة الجميلة بعمق عن القيامة.
فالقيامة تعني لنا بشكل عمليّ بأنّ أبواب قلوبنا يجب أن تبقى مفتوحة لله وللآخرين، فأحيانًا كثيرة نغلقها لأنّنا نخاف من الإنسان الآخر، ونخاف أن يقتحم الله حياتنا لأنه يطلب منّا أن نكون معه.
القيامة تعني أنّه لا يوجد في الكون أقفال تمنع القائم من أن يتخطّاها ويدخل إلينا ويلمس قلوبنا.
وللباب معنى مهم في حضارتنا الإنسانيّة، فهو يدلّ على الخصوصيّة والاستقلاليّة، كما أنّه يدلّ على الحماية والأمان.
ويسوع استعمل تعبير الباب عندما قال عن نفسه: "أنا الباب: إِنْ دَخَلَ بي أَحدٌ يكونُ في مَأْمَنٍ، ويَدْخُلُ ويَخْرُجُ ويَجِدُ مَرْعًى"(يو10/9). فالمسيح لا يدخل من الباب المغلق فحسب، إنّه هو الباب الذي إذا ما دخلنا منه نصل إلى الحياة.
يسوع الباب، ينقلنا من حياة إلى حياة، من الموت إلى الحياة، من الخطيئة إلى النّعمة، من الظّلمة إلى النّور، من الحزن إلى الفرح.
عندما نأخذ كلام يسوع بجدّيّة تصير حياتنا كاملة ومقدّسة. ويسوع استعمل تعبير الدّخول والخروج من الباب "ويَدْخُلُ ويَخْرُجُ ويَجِدُ مَرْعًى"، عندما ندخل من الباب الذي هو يسوع تتدفّق فينا الحياة، يعني صار عندنا ملء الحياة"، وعندما نخرج من نفس الباب يعني أننا نعطي الحياة التي حصلنا عليه منه إلى غيرنا، آنذاك يصير القطيع كلُّه مباركًا.
"كما أَرسلَني الآبُ كذلك أَنا أُرسلُكُم. ولمَّا قالَ هذا نفخَ فيهم وقالَ لهم. خُذُوا الرُّوحَ القدس". قبل أن يرسل تلاميذه، نفخ فيهم روحه، يعني أعطاهم روحه، هذه هي الهديّة التي قدمها لهم بعد قيامته، من خلالها صار يمكننا أن نحبّ ونتكلّم ونبشّر كما فعل هو وصار بإمكاننا أن نعلن إيماننا بكلّ جرأة لأنّنا لم نعد نخاف.
عندما يعطي الشّخص روحه، يعني أعطى أعمق ما عنده، أعطى ذاته، ويسوع أعطى روحه القدّوس، يعني أعطى كلّ شيء عنده. فمنذ الآن وبعد القيامة، نتنفّس محبّة الله أيّ الرّوح القدس. هذه هي العلاقة الحقيقية بيننا وبين يسوع، نحن بشهيقنا وزفيرنا ندخل يسوع إلينا ليجعل سكناه معنا ونعطيه للعالم لنجعله يسكن فيما بينهم.
لذلك إذا أردنا أن نكون فعلًا مؤمنين وإذا اردنا أن نعيش أبعاد قيامة المسيح، علينا أن نفتح ذاتنا للآخرين وأن ننتبه لما نقوله وما نكتبه، لأنّ المؤمن لا يتفوّه إلّا ما يمليه عليه الرّوح القدس."
وإختتم بالقول: "لننتبه أيّها الأخوة فنظهر يسوع المسيح في مسلكنا، لأنّه بقيامته حصلنا على روحه القدّوس وصارت محبّته أساس حياتنا وأرسلنا للعالم لننفخ بدورنا روحه في العالم. المسيح قام!.."