دينيّة
30 أيار 2019, 07:00

خاصّ- "يا مار شربل غيّر قلب بنتي!"

ريتا كرم
في 3 ك2/ يناير 2019، وُلدت نور زكّا روفايل نابضة بالحياة وبالعافية حتّى بلغت الثّلاثة أشهر ونصف من عمرها، إذ ضاقت عليها الحياة وكاد قلبها يقطع عليها فرصة العيش لولا إيمان والدتها القويّ الّذي ترجمته بدموعها الصّادقة، دموع روت بها شهادتها الّتي قدّمتها في حديث خاصّ مع "نورنيوز" الإخباريّ، دموع أعادت شانتال إلى تلك الأيّام القاسية الّتي عاشتها وزوجها منذ تلقّيهما نبأ أنّ "نور" عينيهما سينطفئ لا محالة!

 

عانت نور بعد أسبوعين من ولادتها من ارتداد مريئيّ تفاقم وضعه مع بلوغها الثّلاثة أشهر ونصف ما أدّى إلى تراجع أدائها الغذائيّ، فقصد الوالدان طبيبًا متخصّصًا في أمراض الجهاز الهضميّ د. زياد باسيل الّذي كشف التهابًا في كلى الرّضيعة مع إصابتها بنفخة في قلبها، فحوّلها إلى الاختصاصيّة في أمراض القلب لدى الأطفال والأجنّة د. ليندا ضوّ في مستشفى أبو جوده والّتي شخّصت إصابة نور بمتلازمة ويليام، وهي في تعريفها الطّبّيّ اضطراب نادر يصيب الأجهزة المسؤولة عن النّموّ العصبيّ يصاحبه تغيّر في شكل الوجه وتأخّر في النّموّ، ومشاكل في القلب والأوعية الدّمويّة.

وفي حالة نور كان القلب مشوّهًا، مع شريان معكوف يسبّب موتًا فجائيًّا، إضافة إلى 7 ثقوب في القلب من بينها ثقب كبير يبلغ نحو 7 مللم. هذه الحقيقة المرّة آلمت قلب الوالدين كثيرًا، جعلتهما يبحثان عن حلول لدى الأطبّاء إلّا أن الجواب كان واحدًا وصريحًا: "ما فينا نعمل شي!"، حتّى أنّها لن تحتمل عمليّة جراحيّة.

عادت العائلة إلى البيت والقلب مجروح ويصرخ وجعًا على فلذة كبدهما الّتي لم ترَ من الحياة إلّا مرّها منذ أن أبصرت النّور، فأتت صرخة شانتال العفويّة إلى مار شربل: "يا بيّي دخيلك إنت عملّا العمليّة لبنتي... إنت غيّرلا قلبها لبنتي لأنّو قاموا البشر إيديهم منها".

هذه الصّرخة المطعّمة بالدّموع الّتي انسكبت على وجنتيها خلال حديثنا معها، ترافقها غصّة الأمّ الّتي لم تنس مرّها بعد، أطلقتها شانتال وكلّها إيمان ورجاء بأنّ شربل سيستجيب.

وفي اليوم نفسه، قصد والد شانتال دير مار مارون- عنّايا، وأتى بتراب من القدّيس شربل وأطعمته لنور.

في اليوم التّالي، حان موعد أخذ نتائج زرع البول الّذي كان د. باسيل قد طلب إجراءها، فأصرّت الأمّ على معرفة النّتيجة بالرّغم من انقطاع كلّ الآمال، وقد أظهرت الأخيرة التهابًا في المعدة، فزاد إصرار الأمّ بإدخال ابنتها إلى المستشفى من أجل علاجها، فهاتفت الطّبيب وأبلغته أنّها بعد ساعة ستقصد المستشفى.

وفي تلك اللّحظة، تلقّت شانتال اتّصالاً من شقيقتها تسألها أن تأخذ الطّفلة إلى مار شربل، لكنّ وقتها لم يكن يسمح، فاختصرت المسافة مع حبيس عنّايا، إذ زارته في كنيسته في أدونيس. هناك وضعت نور على المذبح وصرخة مرّة جديدة: "يا مار شربل، إنت عملا العمليّة لبنتي وغيّرلا قلبا!".

بعدها، قصد الوالدان ونور مستشفى القدّيس جاورجيوس- عجلتون. هناك ملأت نور المكان بالبكاء، كان الآلم يتآكلها. وفي يومها الثّالث في المستشفى كانت الأمّ لا تزال تبارك ابنتها بالزّيت المقدّس وصورة مار شربل تلازمها، وإذا بها تتفقّد ابنتها فرأت نقطة دم تنزل من أنفها لجهة واحدة، في حين كانت الجهة الثّانية تقطع عنها النّفس. هذا المشهد أرعب الوالدة وكأنّ كلّ آلام ابنتها ليست بكافية، فكانت هذه الحالة المستجدّة. عندها طلب الأهل المتخصّص بأمراض القلب لدى الأطفال والأجنّة د. شارل شاطر، فوضعوا ملفّ رضيعتهما بين يديه، وطلبوا منه إجراء تخطيط جديد لقلبها.

وبينما كان يجري التّخطيط، توقّف الطّبيب وقال للأمّ: "ما تخافي البنت إلها حلّ!". وعندما أتمّ المعاينة، نقل النّتيجة بحسب ما رآها: الثّقوب اختفت، والثّقب الكبير هو في طريقه للالتئام، والشّريان المعكوف الّذي يسبّب الموت الفجائيّ عاد طبيعيًّا! إذًا متلازمة ويليام لم يعد لها أيّ وجود، واستعاد قلبها شكله الطّبيعيّ! هذا وأعيد فحص الكلى وقد عادت إلى طبيعتها، واختفت الالتهابات.

أمام هذه النّتيجة الجديدة، كان من الضّروريّ الأخذ برأي طبيب ثالث، فكانت هذه المرّة وجهته إلى مستشفى الجامعة الأميركيّة، وحُدّد موعد في الثّاني من أيّار/ مايو الجاري مع د, فادي بيطار. هناك أجريت من جديد كلّ الفحوص والنّتيجة تطابقت مع نتيجة د. شاطر: الثّقب يلتئم، القلب متوازن، الشّريان لم يعقد ملتويًا، وكلّ الثّقوب اختفت! إذًا لم تعد نور بحاجة إلى أيّ علاج وزال عنها خطر الموت المفاجئ، وكتب بذلك د. شاطر تقريره مفيدًا أنّه لا يكمن، في ثلاثة أيّام، أن تطيب الكلى وتزول الالتهابات ويتعافى القلب، مقرًّا بإيمان بأنّها أعجوبة.

هكذا رفعت عائلة روفايل تقريرها إلى مار شربل في 10 أيّار/ مايو 2019، وسجّلت الأعجوبة السّبعين بعد عيده، الأعجوبة الّتي آمنت بها شانتال ولا تزال، فهي الّتي اختتمت حديثها معنا مؤكّدة أنّ قطرة الدّم الّتي نزفتها نور من أنفها كانت نتيجة العمليّة الّتي أجراها مار شربل لها، هي صرخت وهو سمعها وغيّر قلب نور!