دينيّة
27 أيلول 2020, 07:00

خاصّ- متى تأتي نهاية العالم ويأتي المسيح الدّيّان؟

غلوريا بو خليل
في الأحد الثّاني من زمن الصّليب، تجدّد الكنيسة دعوتها للمؤمنين لقبول كأس الألم والمشاركة بالمجد السّماويّ بحسب ما روى لنا القدّيس متّى (24: 1- 14). وللتّعمّق في مضمون هذا الإنجيل وفهمه، كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم.

إستهلّ الخوري روجيه كرم حديثه بالسّؤال "متى تأتي نهاية العالم ويأتي المسيح الدّيّان، وما هي علامات هذا المجيء؟". سؤال طرحه التّلاميذ على الرّبّ يسوع، وهو نفسه يحيّرنا اليوم، ومنه انطلق  الخوري كرم بحديثه مظهرًا المفاجأة في جواب يسوع.

وأكمل شارحًا "هنا الرّبّ يسوع، في الجواب الَّذي طرحه أمام التّلاميذ، بدّل السّؤال وأخبرهم كيف عليهم أن يتحضّروا لمجيء الملكوت المُنتظر. لم يجب عن الوقت ولكن عن كيفيّة التّحضير لمجيء الملكوت المنتظر. يتكلّم هنا الرّبّ عن بدء ألم المخاض من أجل الولادة، مخاض مؤلم من أجل بناء عالم جديد. ويتابع بكلامه في هذا النّصّ ويقول "عند ذلك تأتي النّهاية" (الآية 14). إذًا هناك أمور مبدئيّة تهيّئ لهذه النّهاية، لذا يشدّدهم الرّبّ لكي لا ينحرفوا عن طريقه بسبب الخوف والخطر."

وهناك بعدان أساسيّان يقول الخوري كرم: "بُعد تاريخيّ وبُعد أخلاقيّ، بُعدان ينطلاقان من ظروف ذاك العصر. سنتكلّم عن البُعد التّاريخيّ: في نهاية السّنوات الأربعين عرفت أوّل اجتياح الّذي أدّى للحرب المفتوحة بين فسلطين والرّومان سنة 66م، وأتى الكثير من الأشخاص خلالها وقدّموا ذاتهم على أنّهم مخلِّصون وأنبياء (نقرأ هذا الأمر في الآية 5 والآية 11).  كانوا يعرضون على الجموع جهادًا وصراعًا سياسيًّا وروحيًّا من أجل طرد المحتلّين. نرى مقابل هذا الأمر المسيحيّين، الّذين بدأت تجابههم أولى الاضطهادات من طرف اليهود والوثنيّين من الرّومان، كثيرون الذين انحرفوا عن إيمانهم وسقطوا بممارسات، فلحقوا البدع أو دخلوا بالفتور في الإيمان الرّوحيّ (الآية 10 حتّى الآية 13).

أمّا في البعد الأخلاقي، فلم تتوقّف هذه الصّعوبات مع دمار هيكل أورشليم، ويسوع يواصل كلامه للمستقبل. يتعرّض المسيحيّون لمخاطر كثيرة ليكتشفوا مسحاء جدد (آية 5)، يدخلون بحالة اليأس والإحباط بسبب التّقلّبات الكبيرة في العالم (آية 6- 7)، والاضطهادات (آية 9)، أو فتور الكنيسة (الآية 10- 12)..."

وإستطرد الخوري كرم "لكن الرّبّ لن يدع المخطّط الإلهيّ ينهار أو يتلاشى تجاه هذه العواقب. يقول الرّبّ يسوع يجب أنّ تحصل هذه الأمور ويكرّر كلام النّبي دانيال: "لكن في السّماء إلهًا يكشف الأسرار فأعلمك، بما سيكون بعد هذه الأيّام، أيّها الملك نبوخذنصّر" (دانيال 2: 28)".

وأضاف مستخلصًا: "مرحلة الألم هذه ليست النّهاية، حيث على المسيحيّين أن يجاهدوا ويثابروا حتّى النّهاية (آية 13). المهمّ أن يُعلن الإنجيل ويبلغ العالم بأكمله، حتّى يصبح كلّ الوثنيّين الّذين سيسمعون كلام الرّبّ مهيّئين وحاضرين ليقفوا أمام المحكمة الإلهيّة، وعند ذلك تأتي النّهاية! (آية 14)."

وبعبرةٍ للعيش تضع كلّ منّا أمام ذاته اختتم الخوري كرم حديثه الرّوحيّ سائلًا: "كيف تجابه المحن التي تعترض حياتك اليوم؟ كيف تشهد للرّبّ تجاه كلّ المضايقات؟ وهل من خلالها تختبر بركات الرّبّ؟"