دينيّة
26 كانون الثاني 2020, 08:00

خاصّ- ماذا أفعل لكي أُعاين ملكوت الله؟

غلوريا بو خليل
في الأحد الثّالث من زمن الدّنح، وفي إنجيل يوحنّا عن اعتلان سرّ يسوع لنيقوديموس (3/ 1-16)، تظهر الكنيسة أهمّيّة الولادة الجديدة بالرّوح القدس. من هو نيقوديموس؟ وماذا أراد من يسوع؟ أسئلة أجابنا عليها كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم.

 

"نيقوديموس رجلٌ فرّيسيّ وأيضًا رئيسٌ لليهود. نيقوديموس في تساؤله: ماذا أفعل لكي أُعاين ملكوت الله؟ وجّهه يسوع في جوابه نحو الولادة الجديدة". بهذه الكلمات استهلّ الخوري كرم شرحه.

 

وتابع قائلًا: "بحسب إنجيل يوحنّا، التَّلاميذ الَّذين استقبلوا يسوع هم في جانب النّور. وفي الجانب الآخر الَّذين رفضوا الإيمان؛ إنَّهم في جانب الظُّلمة. أمّا نيقوديموس فهو في الخطّ الوسط، إنَّه يرمز إلى الرُّؤساء الَّذين بِتَرَدُّد يؤمنون بيسوع."

 

وأكمل كاهن رعيّة بشللي مشهديّة الحدث واصفًا تفاصيله: "نيقوديموس أتى ليلًا إلى يسوع: الرَّئيس في إسرائيل، أتى لزيارة النَّجّار المُتواضع في النّاصرة، فهو لا يريد أن يُلفت النَّظر. اللّيل هو وقت اللّقاء المناسب مع الله، ومن وصايا التَّقليد اليهوديّ هي قراءة التَّوراة في اللَّيل. الحوار مع يسوع بدأ في اللّيل ولكنَّه اختُتِمَ في النّور. "وأمّا مَن يعمل للحقّ، فيأتي إلى النّور، لتُعرَف أعماله أنَّها بالله معمولة"(يوحنّا 3: 21)."

 

وشرح الخوري كرم معنى توقيت هذا اللّقاء وأبعاده: "نيقوديموس أتى إلى يسوع في اللّيل ولكنَّ يسوع وجَّهَهُ تجاه النّور- أتى في الظَّلام بحثًا عن النّور. كثيرون يرغبون برؤية مجيء ملكوت الله. يسوع يُشدِّد عى أنَّه بدون الولادة الجديدة لا يُمكن دخول الملكوت. إنَّه ملكوت روحيّ،  كلّ عمل الرَّبّ هو في سكبَه روحُه القدّوس، لكي يجعلنا في عبور دائم من ملكوتنا إلى ملكوت الله. بدأ نيقوديموس حواره مع يسوع بـ "نحنُ نعلم"، أمّا يسوع فأَوْضَحَ له أنَّه لكي يعلم جيّدًا عليه أن يولد من جديد."

 

وأردف: "يوحنّا يشير إلى أنَّ الولادة الجديدة، أو الولادة من فوق، هي ولادة من الماء والرّوح: الماء يقودنا إلى العماد. وفي نَصّ الخلق في سفر التَّكوين، نرى عنصُرَيْن: الماء وروح الله، "وروح الله يرِفُّ على وجه المياه" (تكوين 1: 2). الرَّبّ خلق السَّماء والأرض في البدء، ويسوع يقودنا إلى خلقٍ جديد، وهذا لا يتمّ إلّا بفضل الانفتاح للرّوح القدس."

 

وأكمل مفسّرًا: "توجد مسافة بين عالم الله وعالم الإنسان، هناك هوَّة عميقة تفصل بينهما. والولادة الجديدة فقط تُمكِّننا من الولادة في مياه الله واجتياز هذه المسافة."

 

وأضاف: "أخي المحبوب من الله، إنَّ الولادة الجديدة هي أساس المسيحيَّة الحقَّة- الرّوح القدس يُعطينا قوَّة جديدة ورغبات جديدة لكي نحيا حياتنا من أجل مجد الله. في الولادة الجديدة لم تَعُد حياتنا مُلكًا لنا، فنحنُ ننتمي لله- أصبحنا أعضاء في عائلة سماويَّة."

 

وإختتم كاهن رعيّة بشلّلي متسائلًا: "كيف هي حياتك  بعد الولادة الجديدة؟ هل تعطي مجالًا لعمل الرّوح في صلاتك الشّخصيّة، في قراءة الكتاب المقدّس، في الحياة المشتركة وفي خدمة المحبّة؟"