دينيّة
09 شباط 2022, 08:00

خاصّ– لنتأمّل مع الخوري إيلي أبراهام في حياة "أب الموارنة"...

غلوريا بو خليل
هو قدّيس استثنائيّ أحب الرّبّ يسوع المسيح وأحب الإنسان وخيره، أحبّ الإله والإنسان، فوهب حياته مترهّبًا متنسّكًا واتّخذ لبنان مسكنًا له؛ إنّه القدّيس مارون. وللتّعمّق أكثر في حياة هذا القدّيس المتقشّف الزّاهد إلّا في المحبّة، كان لموقعنا حديث روحيّ مع مُنسّق لجنة الإعلام في نيابة صربا الخوري إيلي أبراهام الذي استفاض متحدّثًا قائلًا:

"يحتفل اليوم كلّ لبنان وخاصّةً الكنيسة المارونيّة بعيد أبيها القدّيس مارون، ولكن علينا في البداية أن نوضح أنه شفيع لا الموارنة والكاثوليك وحسب، بل كلّ الكنيسة، إذ إنَّ الكنيسة اللّاتينيّة والأرثوذكسيّة تحتفل بعيده في التّاريخ الأوّل الذي كان مُعتَمَدًا لهذا العيد وهو 14 شباط."

وأكمل: "أقدم الشّهادات التي يعتمد عليها في معرفة حياة مار مارون هي شهادة ثيودوريطس أسقف قورش الذي دعاه "مارون الإلهيّ"  في كتابه "تاريخ أصفياء الله" الذي وضع حوالى العام 423.

ولد في بلاد قورش، شمال سوريا، حلب، ضمن إنطاكية. ترك الحياة الاجتماعيّة ليكرّس معبدًا وثنيًّا لعبادة اللّه الحقيقيّ، وليبتكر طريقة جديدة للتّنسّك وهي التّرهب بالعراء، رافعًا فكره، وعقله، وقلبه مباشرةً إلى السّماء، من دون أن يأوي إلى سقف إلّا خيمة صغيرة قليلًا ما كان يدخل إليها.

أمضى اللّيالي والأيّام بالسّجود، التّأمّل، الصّوم، التّجرُّد، والتّقشُّف محتملاً حرّ الصّيف وبرد الشّتاء. كما رُقّي إلى درجة الكهنوت المقدّسة.  

ذاع صيته، فتقاطر النّاس إليه لسماع إرشاداته والتّتلمذ له كما تتلمذ هو للمسيح فامتلأ الجبل بالنّسّاك.

كذلك مثل المسيح، حبّة الحنطة التي ماتت، لتثمر الكثير، جذب بحياته العائلات والمؤمنين، ونحن منهم، الذين حملوا ليس فقط اسمه بل طريقة عيشه، لذلك تُعتبر الكنيسة المارونيّة نسكيّة ورهبانيّة. فلا ننسى أنّه رغم انشغالاتنا اليوميّة، علينا المحافظة على أوقات الصّلاة والصّوم بانتظام.

عمل بالزّراعة ونكش التّراب الذي منه صنعنا الرّبّ، وإليه نعود. أثمرت بركاته خيرات الله الأرضيّة والسّماويّة. لذلك نحن تلاميذه نحافظ على أرضنا الأم ونهتم بها ونرفض بيعها.

إمتازت صلاته بالشّفاء ليس فقط من الأمراض الجسديّة، بل الأهمّ، النّفسيّة والرّوحيّة مثل الغضب، الكذب، استباحة المحرّمات وغيرها من الخطايا.

كتب القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفمّ رسالةً لمار مارون يطلب فيها الصّلاة من أجله. رقد بالرّبّ سنة 410م. وقد ذكر ثيودوريطس إنّه "بعد وفاة مار مارون قامت معركة عنيفة بين السّكّان المجاورين للحصول على جثمانه، وكانت الغلبة لبلدة براد.

تبع تلاميذ مار مارون السّريانيّ مجمع خلقيدونية 451 الذي أعلن عن طبيعتين للمسيح إنسانيّة وإلهيّة. للأسف إنقسم المسيحيّون حول هذا الموضوع وقتلوا بعضهم البعض.

إنتشر أتباع مار مارون في لبنان، والشّرق وفي الانتشار العالميّ إن كان بسبب الاضطهاد، أو للسّعي وراء لقمة العيش والتّقدّم."

وإختتم الخوري إيلي أبراهام حديثه الرّوحيّ مصلّيًا: "نطلب من الله بشفاعة القدّيس مارون لكي نكون مثله، لا على الأوراق فقط، بل تلاميذ حقيقيّين للمسيح. لا نخاف ولا نظلم، بل نعيش بروحانيّته التي تأمّلنا بها، ونكون شهودًا للرّبّ وخميرة ونور العالم بخاصةً لبنان الذي يعاني من أصعب الأزمات، راجين أن يكون عيده هذه السّنة بداية خلاص أبنائه، من كلّ الطّوائف، وجميعنا نقدّم الشّكر للثّالوث الأقدس الآب والإبن والرّوح القدّوس إله واحد له المجد من الآن وإلى أبد الآبدين، آمين."