خاصّ– كرم: لا حلّ وسطيّ أو مهادنة في الصّراع بين الخير والشّرّ
"يركّز متّى على شفاء الأعمى والأخرس، وخلال سياق الإنجيل ينتقد الرّبّ العميان الّذين لا يريدون أن يعرفوا من هو يسوع، ويستعملون أفواههم للشّرّ. ومهما كان الشّرّ الّذي يلاحق يسوع بكلّ أعماله وبركاته، يسوع يثبت أنّه قادر أن يشفي الأعمى ويفتح فم الأخرس ولكن بعمل إيمان.
تجاه هذه المعجزة طرحت الجموع سؤالًا: "أليس هو إبن داوود؟" ولكن نرى في هذا النّص أنّ لإبن داوود صيت الشّفاء وطرد الأرواح، ولكنّ الجموع لم يكتشفوا بعد هويّة يسوع إبن داوود. لم يعرفوا أنّه المسيح المنتظر، المخلّص، الشّافي ومتمّم النّبوءات.
لا تشكّ التّقاليد اليهوديّة بمواهب يسوع كمقسّم وطارد أرواح، ولكن تنسب هذه الأمور وبكلّ طواعيّة كسحر أسود. وتجاه النّقد السّلبيّ يجيبهم يسوع على مرحلتين:
في المرحلة الأولى يطرح قضيّة المقسّمين، فيجيبهم في الآيتين 25 و26 أنّه لا يمكن للشّيطان أن يطرد ذاته. يتكلّم يسوع بالآية 28 بنوعٍ من التّأكيد، إذا كان في الرّوح النّبويّة في هذه الأزمنة الأخيرة يسوع يطرد الشّياطين، هذا لا يعني فقط عمل شفاء، ولكن أكثر من ذلك عمل مجابهة الرّبّ مع أعمال الظّلمة. هذا يعني تتميم أزمنة مسيحانيّة أيّ عالم جديد والقضاء التّامّ على عالم الظّلام. نعتبر هذا الأمر بدء عالم جديد يُبنى على عالم قديم، عالم إبليس والشّرّير الّذي سيهدم.
يتابع يسوع الكلام في الآية 29، ملكوت الله لا يبنى إلّا بإلغاء تامّ للشّرّ. هذا هو معنى صلوات التّقسيم الّتي يتمّمها يسوع."
يختتم الرّبّ يسوع في الآية 30 ببرهانٍ كخاتمة، يضع صورة الخراف الّتي يجمعها الرّبّ قائلاً: ليس هناك أيّ حلّ وسطيّ أو مهادنة، لأنّ من يعاكس عمل يسوع هو الّذي يعمل في معاكسة جمع خراف الله حسب مشروعه الإلهيّ.
أمّا في المرحلة الثّانية فيتكلّم يسوع عن التّجديف على الرّوح القدس في الآية 31- 32، والمعنى أنّ الرّبّ يمكن أن يسامح من لا يكتشف هويّة يسوع وسلطته كإبن الله، ولكن يرفض قطعًا أن ينسبوا أعمال البركة والخير والحبّ إلى الشّرّ، فهي تهدف من أجل خلاص العالم، وهنا عمل طرد الأرواح الّذي انتقدوا به يسوع لا ينبع إلّا من قوّة الرّوح القدس الفاعلة في الرّبّ، ويصرخ النّبيّ أشعيا صرخة تحذيريّة في (أشعيا 5: 20 ) "ويلٌ للقائلين للشّرّ خيرًا وللخير شرًّا، الجاعلين الظّلام نورًا والنّور ظلامًا، الجاعلين المرّ حلوًا والحلو مرًّا."
وإختتم الخوري كرم تأمّله الرّوحيّ بعبرة للعيش متسائلًا: "هل نحسن التّمييز في كنيستنا ونكتشف عمل الرّوح القدس صانع المعجزات في كنيستنا من خلال عنصرة دائمة؟ هل نشكر الله ونسبّحه من خلال آياته ومعجزات الحبّ، أو موقفنا هو من روح العالم، الرّوح الفرّيسيّ، ساعيًا إلى النّقد والهدم والتّشهير والنّميمة، ناسبين هذه الأمور إلى أرواح الظّلمة؟"