دينيّة
30 أيار 2021, 07:00

خاصّ– كرم: الخلاص لا ينحصر بشعب أو منطقة معيّنة لكنّه شامل

غلوريا بو خليل
إله في ثلاثة أقانيم هو إلهنا، والمحبّة اللّامتناهية هي الّتي تميّزنا عن سائر الدّيانات. هي معادلة صعبة بالفكر، لكنّها حقيقة ثابتة بالإيمان. عسانا نطلب دائمًا نعمة الثّبات في العيش بحضور الله الآب ونعمة الابن الوحيد وحلول الرّوح القدس، لنذهب في الأرض ونعلن البشارة للعالم بمحبّة وإيمان ثابتين. ولمناسبة عيد الثّالوث الأقدس، ولأنّ الكنيسة المارونيّة تحتفل به في الأحد الأوّل من زمن العنصرة انطلاقًا من إنجيل القدّيس متّى (28: 16- 20)، كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم الذي أوضح لنا دور الثّالوث القدّوس وأهمّيّته في حياتنا.

إستهلّ الخوري كرم شرحه بالقول: "نصّ ترائي يسوع في الجليل يقسم إلى قسمين:

القسم الأوّل هو اللّقاء مع يسوع، الآيتان (16- 17)، حيث أطاع التّلاميذ كلمة معلّمهم وذهبوا إلى الجليل وصعدوا الجبل كي يلتقوا به.

القسم الثّاني هو الوصيّة الّتي أعطاهم إيّاها الرّبّ يسوع على الجبل، الآيات (18- 20)، ألقى فيها الرّبّ يسوع وصيّته الأخيرة "تلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والإبن والرّوح القدس"."

وأكمل موضحًا أربعة نقاط: "أوّل فكرة في هذا النّصّ هي المكان حيث تمّ اللّقاء مع التّلاميذ في الجليل ودعي في الكتاب المقدّس بـ"جليل الأمم"، الجليل هو الخليط من الشّعوب البعيدة كلّ البعد عن الإيمان اليهوديّ. يركّز متّى على رسالة يسوع في الجليل كي يلفت الأنظار إلى رسالة يسوع الشّاملة الّتي تطال جميع الشّعوب، اليهود وغير اليهود، بدون أيّة تفرقة. نرى هنا فعلاً أنّ التّلاميذ انطلقوا ليتلمذوا جميع الأمم، لأنّ البشارة ليست محصورة فقط في شعب إسرائيل لكن بجميع الأمم، ونقرأ هذا في الآية 19.

الفكرة الثّانية في هذا النّص أنّ متّى يركّز على الجبل، المكان الّذي أمرهم الرّبّ يسوع أن يتوجّهوا إليه (الآية 16). الجبل مكان لا يمكننا أن نحدّده، هو بحدّ ذاته بحسب رمزيّته يشير إلى مسكن الله، ليس جبلاً جغرافيًّا ولكنّه جبل روحيًّ. الجبل هو مكان العبادة، والتّلميذ الّذي يريد أن يدخل في جماعة المؤمنين بيسوع المسيح، يجب أن يحصل على الرّوح القدس في العماد المقدّس، ويعبد الله الآب بالرّوح والحقّ. عبادة يسوع ليست في أورشليم ولا في جبل جرزيم؛ بل كلّ مكان نعبد فيه الرّبّ يسوع هو الجبل الرّوحيّ.

الفكرة الثّالثة في هذا النّصّ هي السّجود. نعترف على الجبل بيسوع ونسجد له. يجب على التّلميذ أن يعترف بألوهيّة يسوع، لأنّ السّجود يعبّر عن التّسليم والثّقة والإيمان بأنّ الشّخص الّذين نحن ساجدون أمامه هو الإله المتجسّد.

الفكرة الرّابعة هي الشّكّ، لكي يعيش التّلميذ بحضور معلّمه طول الأيّام إلى نهاية العالم كما هو مذكور في الآية 20، يجب ألّا يكون في قلبه أدنى شّكّ، الآية (28: 17)!"   

وشدّد على أنّ: "الوعي بحضور يسوع الدّائم يعتمد على عدّة عوامل علينا ألّا ننساها، وهي:

- أوّلاً، حضور التّلاميذ الّذين رأوا يسوع وسمعوا عن قيامته من بين الأموات.

- ثانيًا، كلام يسوع الّذي نقل على لسان التّلاميذ وكل شخصٍ آمن بهذا الكلام.

- ثالثًا، الرّوح القدس الّذي يذكّر التّلاميذ بكلام المعلّم ويعطيهم القدرة على الشّهادة له.

إرسال التّلاميذ للبشارة مرتبط بالسّلطان الّذي يشمل السّماء والأرض. الخلاص لا ينحصر بشعب أو منطقة معيّنة، لكنّه شاملٌ ويخصّ العالم بأكمله. سلطان يسوع هو سلطان لا متناهٍ."

وكعادته، اختتم الخوري كرم حديثه طارحًا سؤالين: "هل تتفاعل مع الرّوح الذي انسكب عليك في وقت العماد؟ وهل تتمّم الخدمات وبناء الكنيسة بفضل القوّة التي منحت لك من السّماء؟"