دينيّة
04 تموز 2021, 07:00

خاصّ– غانم: حرّرنا يا ربّ من كلّ ما يعيق أو يعطّل عمل الرّوح فينا

غلوريا بو خليل
في خضمّ ما نعيش في أيّامنا هذه من مآسٍ وقلق وتعب يأتي إنجيل القدّيس لوقا عن "إرسال التّلاميذ الإثنين والسّبعين" (10: 1-7) ليقول لنا تخطّوا ذاتكم واعلموا أنّ "الحصاد كثير ولكنَّ العمَلَة قليلون". الرّبّ يعي مدى محدوديّتنا في هذه الظّروف، فلنضع يدنا على المحراث ولنختبر سعادة الرّسالة والمجانيّة في العلاقات لكي نتذوّق فرح الملكوت... واليوم هو الوقت الأمثل. نعم، لنعمل في حقل الرّبّ فنكون البسمة والرّجاء والعضد لبعضنا البعض، ولنبحث عن إرادة الرّبّ في كلّ ما يحصل فنعيش السّلام وسط هذا الألم وهذا الوجع. وللتّعمّق في أهميّة دورنا وفعاليّته كرسل محبّة، كان لنا حديث روحيّ مع السّفير العالميّ للسّلام الأب الدّكتور طوني غانم الأنطونيّ الذي شرح لنا كلمة الرّبّ على ضوء إنجيل هذا الأحد المبارك، فاستهلّه بالقول:

"في هذا الأحد السّابع من زمن العنصرة، زمن الرّوح، يظهر بولس الرّسول في رسالته إلى أهل كورنتس مميّزات المرسل. فالرّسول الحقيقيّ هو الذي يحمل رسالة إلى الآخرين كما هي، لأنّه لا يمتلكها أو يتصرّف بها كما يشاء... ويدرك أنّ قوّته يستمدّها من الله وليس من تلقاء نفسه. كما أنّه عليه أن يعي بأنّ رسالته، هي رسالة المسيح، وتقتضي بالتّالي خدمة الكلمة، وخدمته يجب أن تكون روحيّة نابعة من القلب، ويعلم بالتّالي أنّ الرّوح هو الذي يحيي ويحرّك، فيخرج من حرفيّة الشّريعة، ليصبح أداةً طيّعة في يد الله.

والقدّيس لوقا في أنجيل اليوم يحدّثنا أيضًا عن مواصفات المرسل، فهو الذي يذهب باسم يسوع ليهيّئ أمامه الطّريق ويعدّ النّاس لسماع السّيّد وقبوله. فالسّيّد المسيح الذي أرسل الإثني عشر ليكرزوا في الجليل، ها هو من جديد يرسل الإثنين والسّبعين ليكرزوا في اليهوديّة، وفي هذا رمز لأنّه سيرسلهم بعد ذلك للعالم أجمع أيّ للأمم. وهذا يؤكد أن إرساليّة الإثنين والسّبعين تشير للكرازة وسط الأمم، ولذلك قال لهم السّيّد أقيموا في ذلك البيت آكلين وشاربين ممّا عندهم ليفتح أذهانهم أنّه جاء للكلّ، ويقال إنّ لوقا كان واحدًا منهم."

وتابع موضحًا: "يسوع في هذا النّصّ يشبّه التّلاميذ بالفعلة الحقيقيّين في الحصاد في حقل الرّبّ الذين يقتصر دورهم على الاعتناء بالزّرع حتّى اليوم الذي يأتي فيه السّيّد ويطالبهم بما ائتمنهم عليه. ولذا، لكي ينجحوا في عملهم، عليهم أن يتحلّوا بالصّفات التّالية: أن يكونوا رجال صلاةٍ على اتّصالٍ دائمٍ بالرّبّ، أن يطلبوا منه المساعدة وأن يقدّموا له جنى أيديهم. وأن يكونوا ودعاء كالحملان، مسالمين ولطيفين، وحاملين زرع السّلام وأمناء في الخدمة فلا يتحوّلوا إلى ذئابٍ إذا داهمتهم ذئاب التّجارب. بإختصار، عليهم أن يكونوا صورةً عن الفادي الحمل المذبوح الواقف دائمًا أبدًا، وأن يكونوا متجرّدين عن كلّ ما لهم وعن كلّ ضمانةٍ مادّيّة أو بشريّة ويقبلوا بتواضع عطيّة الرّبّ من خلال الآخرين."

وبكلمة تشجيعيّة واصل قائلًا: "ونحن قد تبدو لنا هذه الصّفات تعجيزيّة للوهلة الأولى. ولكن هلّا حاولنا، بقدرة الرّبّ يسوع، أن نسلك درب الرّسالة التي تسلّمناها بسرّ المعموديّة خطوةً خطوة؟ إنّ إله المستحيل يرضى بمحاولاتنا الصّغيرة ويتكفّل هو بكلّ الباقي. نعم أخوتي تذكّرنا الكنيسة اليوم بأنّنا بدورنا أصبحنا رسلاً للرّبّ.  فحمل الرّسالة المسيحيّة هو في صلب جوهر الحياة في المسيح. إنّه عمل كلّ تلميذ ليسوع وواجبه. به تتحوّل الأرض إلى ملكوت الله. أمّا الرّسالة، فلا حدود لها فالحياة الرّسوليّة تحمل صفة الاستمراريّة بنقل بشرى الإنجيل إلى كلّ بيت حيثما وجد".

وإختتم الأب غانم كلمته مصلّيًا: "حرّرنا يا ربّ من كلّ ما يعيق أو يعطّل عمل الرّوح فينا، فلا نعمل إلّا ما هو حقّ وخير وصلاح، ونمجّدك في أعمالنا وأقوالنا مع أبيك وروحك القدّوس إلى الأبد. آمين."