دينيّة
03 أيار 2020, 07:00

خاصّ- ظهورٌ... فإنطلاق!

غلوريا بو خليل
في الأحد الرّابع بعد القيامة تتأمّل الكنيسة المارونيّة بإنجيل ظهور الرّبّ يسوع للرّسل على البحيرة للقدّيس يوحنّا (21/1 - 14)، مركّزة على نفحة الرّجاء التي منحهم إيّاها الرّبّ يسوع بحضوره بعد اكتئابهم وحزنهم الشّديد إثر موته وقيامته، وقبل الانطلاق إلى رسالتهم "صيد البشر". وللتّوغّل في هذا الظّهور وأبعاده، كان لموقعنا حديث روحيّ مع منسّق لجنة التّواصل والإعلام في نيابة صربا البطريركيّة المارونيّة الخوري إيلي أبراهام.


إستهلّ الخوري أبراهام حديثه بالتّوجّه إلى كلّ مؤمن منّا قائلًا: "إخوتي القدّيسينَ أحبّاءِ الله، تعالوا اليوم نفرح لأنّه حقًّا عظيم، إذ الرّبّ صنعه، به خلقنا من جديد ومنحنا بموته وقيامته الحياة المتجدّدة بالقيامة الأبديّة. قبل التّأمل بلقاء الرّبّ المبهج مع تلاميذه السّبعة، يجب أن نتذكّر سببًا إضافيًّا يدعو إلى الفرح في الأحد الأوّل من أيّار/ مايو، إذ بتاريخ 3 أيّار/ مايو 1908 (عند العاشرة صباحًا) تمّ تدشين مزار سيّدة لبنان في حريصا على يد المثلّث الرّحمات غبطة أبينا البطريرك مار الياس بطرس الحويّك الذي أعلن دولة لبنان الكبير، ونحن نحتفل بيوبيل مئة سنة لهذا الإعلان (1920 – 2020). نصلّي ليُعلَن غبطة البطريرك مار الياس بطرس الحويّك قدّيسًا وليشفع بنا كما شفعت وتشفع بنا دائمًا أمّنا سيّدة لبنان، وينجّي الله لبنان والعالم من الكورونا وجميع الأمراض والأزمات."   

وتابع الخوري أبراهام: "بالعودة إلى إنجيل اليوم، إسمحوا لي أن أقترح اتّباع التّأمّل الإغناطيّ في واحد من أجمل النّصوص الإنجيليّة ولنضع أنفسنا في هذا اللّقاء: المكان هو منطقة الجّليل حيث عاش الرّبّ أكثر أيّام حياته، ودعا رسله وصنع أغلب آياته. كما نلفت الانتباه أنّ شمال هذه المنطقة المقدّسة يلتقي مع أرض بلادنا الحبيبة. عاد الرّسل إلى ما قبل الدّعوة، إلى بداية حياتهم وعملهم كصيّادي سمك. للأسف "مَا أَصَابُوا في تِلْكَ اللَّيْلَةِ شَيْئًا"، كما نقول بالعاميّة: "مسَكرا من كلّ الجّهات". رغم ذلك، تأمّلوا طلوع شمس الفجر وشعروا بالنّسمة الرّبيعيّة تلفح مياه بحيرة طبريّة قبل أن تلفحنا! كلّ هذا لا يوازي الأهم أيّ ظهور الرّبّ يسوع على شاطئ الأمان، ولكنّ التّلاميذ لم يتعرّفوا على القائم من الموت الذي "لم يكن نعم ولا بل كان كلّ شيء فيه نَعَم" ( 2 كورنثوس 1 : 19). هو يدلّهم إلى مكان جلوسه عن يمين أبيه، حيث النِعَم الأرضيّة والسّماويّة، يُفيض عليهم بالبركات ويرزقهم السّمك الكبير وعدده 153، لن نتوقّف عند تقسيم هذا الرّقم، بل نكتفي بذكر أنّه حسب تعليم تلك الحقبة، هو يرمز إلى عدد الشّعوب. كما نذكر أنّ السّمكة كانت في بداية الكنيسة شعار المسيحيّين ومن الرّموز الهامّة التي كانوا يستخدمونها وقت الاضطهاد، فالسّمكة باليونانيّة ΙΧΘΥΣ وتنطق بالعربيّة إيخثيس، وكلّ حرف منها يرمز إلى أوّل حرف لخمس كلمات معناها بالعربيّة "يسوع المسيح ابن الله المُخَلِّص".

وإستطرد الخوري أبراهام قائلًا: "نتابع وضع أنفسنا بالنّصّ الإنجيليّ لنتأمّل بالسّمك المشويّ (مع رائحته الطّيّبة!) الذي أعدّه الرّبّ بتواضعه لمن يحبّهم ويحبّونه. ومفاجآت الرّبّ لا تتوقّف، بحنانه، يقول لهم، كعادته :"هَلُمُّوا تَغَدَّوا" و"أَخَذَ الخُبْزَ ونَاوَلَهُم" إشارة واضحة إلى سرّ الإفخارستيّا الذي أعطانا إيّاه يوم خميس الأسرار وسُفك يوم الجمعة العظيمة.

وإختتم الخوري أبراهام كلمته طالبًا "أن نصلي لكي يرحم الله شعبه ويخلّصنا من الكورونا وكلّ الأزمات، لنلتقي في بيت الرّبّ، خاصّة يوم الأحد العظيم الذي صنعه، لنعرفه، ونؤمن بحضوره معنا، ونشهد أنّ المسيح حقًّا قام. له ولأبيه ولروحه القدّوس كلّ الشّكر والمجد من الآن وإلى أبد الآبدين."