دينيّة
09 أيار 2021, 07:00

خاصّ– شدياق: علامة الصّلب والموت غدت علامة القيامة

غلوريا بو خليل
بين الفرح والخوف من الأوهام اختبر الرّسل قيامة الرّبّ يسوع المسيح عندما بادرهم في ذلك الزّمان بـ"السّلام عليكم!" وكشف حبّه لهم وفتح عقولهم على البشارة. كانت فرحتهم لا توصف بعد كلّ ما مرّوا به من خوف وتبدّد وقلق. نعم، هذا هو ربّنا وإلهنا، إله المحبّة اللّامتناهية، فكيف نقلق ونخاف على مصيرنا وحياتنا؟ صحيح الشّرّ كبير لكنّ محبّة الله لنا أكبر ولا بدّ للّيل أن ينجلي ولأنّنا أبناء الرّجاء نؤمن. وفي هذا السّياق كان لموقعنا حديث روحيّ، في الأحد السّادس من زمن القيامة، مع خوري معاون في رعيّة السّيّدة - الفنار الخوري شربل شدياق الذي وصف لنا مشهديّة هذا النّصّ الإنجيليّ للقدّيس لوقا (24/ 36 – 48) عندما ظهر يسوع للرّسل في العلّيّة متأمّلًا قائلًا:

""أنظروا يدي ورجلي"، بهذه الكلمات والعلامات أخبر يسوع التّلاميذ أنّه الرَّجل الذي عرفوه ورافقوه حتّى الصّلب. إنّه يسوع الذي دعا بعضهم من خلف الشّباك، وبعضهم من دار الجباية، وبعضهم من تحت التّينة... إنّه الرّجل الذي نادوه المعلّم والذي سار معهم على طرقات الجليل، وبيت صيدا، وأورشليم... إنّه يسوع الذي أكل الفصح معهم وغسل أرجلهم... إنّه مَن دعاه بطرس "المسيح ابن الله الحيّ" وشهدوا على موته معلّقًا على الصّليب.

بهذه العبارة "أنظروا يدي ورجلي"، كشف أنّ علامات الصّلب الحاضرة في جسد القائم من مثوى الأموات، باتت الوسيط بين الموت والقيامة، والأرض والسّماء. الوسيط الحقيقيّ والوحيد بين عهد الخلق الأوّل، وعهد الخلق الثّاني أيّ القيامة، فهو "آدم الجديد"، الذي به غدا كلّ شيء جديدًا."

وتابع: "إستتبع يسوع "أنظروا يدي ورجلي" باللّقب الكريستولوجيّ "أنا هو".

"أنا هو"، بهذين الضّميرين المنفصلين "أنا" و"هو" كشف لتلاميذه أنّه يسوع "ابن الله، الله". إذ بهذه العبارة "أنا هو" كشف الله لموسى عن ذاته، معلنًا "أنا هو الذي هو" (خر 3، 14).إذًا، الذي كلّم موسى، وأخرج الشّعب من عبوديّة مصر إلى أرض أورشليم، هو الله عينه الذي حرّر الإنسان من عبوديّة الموت وعبر به إلى أورشليم السّماويّة، وها هو واقفٌ أمامهم.

يسوع الذي به ومن أجله خُلق كلّ شيء، والذي رافق الشّعب حتّى "ملء الزّمن" (غل 4،4)، هو الله عينُهُ الذي سيحمل إلى الأبد جراحات الإنسانيّة في جسد الابن الوحيد الممجّد."

وأردف شارحًا: ""أنظروا يدي ورجلي، فإنّي: أنا هو"، أيّ "أنظروا" إلى مقدار الحبّ الذي أحببتكم به. "أنظروا" إلى الجراحات التي غفرت الخيانة، والإهانة، والعنف، والقتل، وغدت الوسيط الذي به تعانقت الأرض والسّماء... و"أنظروا" إلى الله الذي عانق الإنسانيّة حتّى مثوى الأموات، وأَبَى أن يخرج منه إلّا معانقًا صورته: آدم وحوّاء."

وبكلمة رجاء ملؤها المحبّة والخلاص اختتم الخوري شدياق تأمّله قائلًا: "سمات المسامير والحربة، سمات الألم والموت في جسد القائم من بين الأموات كشفت كيف تحوّل شرّ آدم وحواء إلى علامة لحبّ الابن الوحيد لله الآب، وحبّ الآب إلى الإنسان، لكلِّ إنسان.

علامة الصّلب والموت غدت علامة القيامة، لأنّ أعظم الوصايا هو أن "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِك" (لو 10: 27) أخذت من الابن الوحيد جسدًا وبلغت ملأها."