خاصّ– شدياق: المرأة الكنعانيّة من أمومتها المتألّمة استنبطت إيمانها العظيم
"إمرأة كنعانيّة ترعرت على عبادة آلهة صور الثّلاثة "بعل شميم" إله السّماء، و"عشتروت" أمّ الآلهة والبشر والنّبات وواهبة الحياة للطّبيعة، و"ملقرت" الفتيّ الشّاب سيّد المدينة وملكها، وعلى تقدمة الذّبائح لآلهة صيدا "بعل صيدون" الإله المسنّ، وأشمون إله الشّفاء في فينيقيا كلّها.
إمرأة كنعانيّة وثنيّة، بعد أن ارتمت أمام آلهة الأجداد واختبرت أنّها آلهة عمياء عن آلام البشر، وصمّاء عن صراخهم، وبكماء عن تعزيتهم، فإذا بها تتمرّد وتثور و"تخرج" كما خرج إسرائيل من عبوديّة مصر وأرض فرعون إلى أرض الوعد والحرّيّة. "خرجت" وسارت وراء يسوع حاملة صراخ ابنتها في إثره، وهو صامتٌ، صمت المربّي الصّالح.
أخذ التّلاميذ "يتوسّلون" يسوع كي يستجيب طلبها ويشفي ابنتها، لا حبًّا بها أو رحمةً بابنتها، بل لأنانيّتهم وبُغية راحتهم وسكينتهم."
وإستطرد مفسّرًا: "بعد صمت يسوع التّربويّ، الذي تخلّله صراخ المرأة الكنعانيّة، وتوسّل التّلاميذ الإثني عشر، طَرَح عليهم إشكاليّة منح عطايا الله إلى الوثنيّين غير المؤمنين بإله إبراهيم ويعقوب وإسحاق. عندها صَمَتَ التّلاميذ الّذين نشأوا على تعاليم الفرّيسيّين والصّدوقيّين، ولم يجدوا ما يُحاججوا به. أمَّا المرأة الكنعانيّة فمن أمومتها المتألّمة استنبطت إيمانها "العظيم" وسجدت مؤمنة بأنّ الله سيستجيبها لا لاستحقاقها بل لأنّه الرّحمة اللّامتناهيّة."
وإختتم الخوري شدياق حديثه منوّهًا بأنّ "لقاء يسوع بالمرأة الكنعانيّة أخرج التّلاميذ من شرائع التّقاليد، إلى شريعة المحبّة. وأخرج إلى العلن المسيرة الإيمانيّة للمرأة الكنعانيّة الّتي تجلّت في اللّقاء بيسوع المسيح. وأخرج إلى العلن قوّة الشّفاعة، إذ الإبنة شُفيت بصلاة والدتها. وأخيرًا، هذا اللّقاء أخرج يسوع للبحث عن الخراف الضالّة من دون تفرقة بين يهوديّ ووثنيّ، وعبدٍ وحرٍّ، لأنّ الجميع مدعوّون ليكونوا واحدًا فيه (غل 3/28)".