الأردنّ
14 حزيران 2016, 08:35

خاص - ذخائر القديس بيو في الاردن لأول مرة

استقبلت رعية القديس يوسف للاتين في المفرق ذخائر قديس القرن العشرين الأب بادري بيو بقداس احتفالي مهيب ترأسه سيادة المطران سليم الصايغ جزيل الوقار بحضور راعي الكنيسة وعدد من الراهبات وجموع غفيرة من ابناء الشمال.

 

ورافق وصول الذخيرة مسيرة تامل وصلاة، بمرافقة الكشافة، وجال الجميع حول اسوار الكنيسة، من ثم التئم الجميع في القداس الالهي.

تُعَدّ ظاهرة البادري بيّو من الظواهر الفريدة في عالم اليوم وفي الكنيسة المعاصرة. فبالرغم من التقدّم المذهل الذي أحرزه العلم في الآونة الأخيرة، والاكتشافات الجبّارة، فهو يقف حائرًا، عاجزًا عن تفسير الظواهر العجيبة التي رافقت وطبعت حياة هذا القدّيس، الذي ظهرت جراحات السيّد المسيح في كلّ أنحاء جسده، أضف إلى ذلك الآيات التي أجراها الله على يديه، فقد شفى المرضى، واستطاع الانتقال بالروح من مكان إلى آخر، بينما جسده قابع في بلد، والمعجزة تحصل بشفاعته في بلد آخر.

من هو الاب بيو؟

وُلد الأب بيّو في "بْيَاتْرَلْشينا" في 25 أيّار 1887. تقبّل سرّ العماد في اليوم الثاني لولادته وأعطي في المعموديّة اسم فرنسيس. نشأ في أسرة فقيرة ومن خلال الرسالة التي بعث بها إلى مرشده الروحي ندرك أنّه منذ سنّ الخامسة كان الطفل يتمتّع بنعمة مشاهدة العذراء مريم التي كان يكنُّ لها عاطفة قويّة.

كرّس البادري بيو نفسه للربّ ولمار فرنسيس الأسيزي منذ سنّ الحادية عشرة. لم يقف أبواه في وجه دعوته، وفي الخامسة عشرة من عمره، سنة 1902 كان يتحرّق شوقًا ليمنح كلَّ شيءٍ إلى الله، فرافقه والده إلى دير الآباء الكبّوشيّين حيث أمضى فترة الابتداء. وهناك لبِس ثوب الرهبنة واختار لنفسه اسم الأخ بيّو دي "بياترلشينا". كان مبتدئًا مثاليًّا؛ ومنذ ذلك الحين بدأت تحدث معه ظواهر غريبة.

فرض القدّيس بيّو على نفسه عذابات وإماتات، ومن عاداته السهر طويلاً ليصلّي، بَيْد أنّ الشيطان لم يكن مسرورًا من إماتاته الشاقّة وسهره الطويل، فقد حوّل لياليه إلى حلبة صراع وعراك وجعل لياليّه مضطربة. ولم يكن أحدٌ يرضى بأن يكون جاره في الغرفة. كان يرتّب حجرته ويخرج، وما إِن يعود حتى يجدها مبعثرة تمامًا، فالكتب على الأرض والمحبرة مقلوبة ومكسورة وسريره مقلوب. وكثيرًا ما كان يخرج في الصباح، وقد ظهرت على وجهه آثار المعركة كالأورام واللطمات الزرقاء. سيمَ كاهنًا في 10 آب 1910، وكان له من العمر 23 عامًا، في 17 آب 1910 بعد سبعة أيّام من حفل سيامته حصل على سمات السيّد المسيح التي بقيت خفيّة.

في الرابع من أيلول سنة 1916 أمره رؤساؤه بأن يتوجّه إلى دير سيّدة النعمة في "سان جيوفاني روتندو" حيث بقي إلى حين مماته.

في 20 أيلول 1918 ظهرت جراحات يسوع المسيح على جسده: يديه ورجليه وجنبه الأيسر. "في وسط يديَّ ظهرت بقعة دم أحمر مترافقة بألم شديد، وأيضاً أشعر بألم شديد في أسفل قدميّ".

لقد قدّم بادري بيّو نفسه ذبيحة أخرى للخطأة، والعلامات في جسده هي العلامة الحسّية لما قاساه من أجل خلاص الجميع، فحصلت ارتدادات واهتداءات وشفاءات في كرسيّ اعتراف بادري بيّو. لقد أحبّ بادري بيّو كرسي الاعتراف فجذب الناس إليه، وقد كان يجلس 16 ساعة يوميّاً فيه، يساعد الناس على الخلاص من خطاياهم.

كَثُرالفضوليّون وكبُرت القصّة. فتدخّل الفاتيكان عام 1928 ومنعه من ممارسة سرّ الاعتراف ومن الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة أمام الناس. فأطاع بادري بيّو هذه الأحكام من دون تذمّر. وقد رَفَعَ هذا المنعَ البابا بيوس الحادي عشر بعد سنتين إثر زيارة رسوليّة له. في عام 1940 شيّد بادري بيّو مشفى أسماه "بيت إراحة المعاناة" في جنوب إيطاليا، وأكمله في 1958، وأصبح هذا المشفى من أهمّ مشافي جنوب إيطاليا.

في 20 أيلول 1968، وقد أكمل بادري بيّو 50 عاماً على ظهور علامات يسوع المسيح على جسده، أجرى في هذا اليوم قدّاسه المعتاد وحوله 50 باقة ورد أحمر.

وفي 22 أيلول سنة 1968، أي بعد 50 عامًا من حمله لجراح المصلوب في جسده، احتفل بالذبيحة الإلهيّة للمرّة الأخيرة، وفي نهاية القدّاس أغميَ عليه.

كان نزاعه قصير الأمد، فقد مات بالضبط عند الساعة الثانية والنصف من صباح 23 أيلول 1968، من جرّاء ذبحة صدريّة، وانطفأت بموته تلك الشعلة التي أضاءت وهَدَت بنورها آلاف النفوس إلى الطريق القويم. وما إن أبلغت إذاعة الفاتيكان على الأثير خبر موته، حتى هرع إلى سان جيوفاني روتندو ما يقدَّر بمئة وسبعين ألف شخص من جميع الطبقات والوظائف والجنسيّات، بالإضافة إلى 500 شرطيّ لفرض النظام في تشييع الأب بيّو الراحل. دفن في القبو تحت هيكل كنيسة أُمّ النعم، وبما أنّ حياة الأب بيّو كانت عجائبيّة فقد تكلّلت بأعجوبة جديدة، إذ تأكّدت حقيقة اختفاء جراحه عشيّة وفاته، هذه الجراح التي حملها لمدّة نصف قرن والتي عجز ألمع الأطبّاء عن تحليلها ومعالجتها وتبديل أيّ شيء فيها.

في 18 كانون الأوّل 1997 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني علوَّ شأن بادري بيّو. وفي 2 أيّار 1999 أعلنه طوباويّاً. وفي 16 حزيران 2002 أعلن البابا يوحنا بولس الثاني بادري بيّو قدّيساً.