دينيّة
01 كانون الأول 2019, 08:00

خاصّ- بين الشّيخوخة والصّبا يتكامل العهدان

غلوريا بو خليل
"في زمن البشارات، زمن مواسم بواكير السّنة الطّقسيّة، نقطف معًا ثمار أحد زيارة مريم العذراء لأليصابات (لوقا 1/39 - 56)، ثمار لقاء جَنِينَيْن، لقاء عهد بين القديم والجديد." بهذه الكلمات المعبِّرة وصف خادم رعيّة مار زخيا عجلتون الخوري بولس الياس الرّيفونيّ نصّ إنجيل زيارة مريم لأليصابات متحدّثًا لموقعنا فأفاض شارحًا:

 

"إنّ مشهديّة حدث الزيارة الّذي يُبيّن دور مريم العذراء في قصد الله الخلاصيّ، وهي تحمل في أحشائها المسيح الرّبّ، يكمن في مقابلة معجزتين: العاقر الحامل (أليصابات)، والعذراء الحامل (مريم). ولأن كانت العاقر ستلد "أعظم مواليد النّساء" (يوحنّا المعمدان)، فإنّ البتول ستلد ملك الأجيال وسيّد الدّهور (يسوع المسيح). في أليصابات تُزهِرُ الشّيخوخة، وفي مريم يَتفجّر الصّبا حيويّة، فتحمل مبدع الحياة "الّذي به كان كلّ شيء وفيه الحياة" (يوحنّا 1/ 2)."

 

وبالتّالي أضاف خادم رعيّة مار زخيا "هذا الأحد وطوال الأسبوع نرافق نحن المسيحيّون مريم في "سياحتها الإيمانيّة" بصدد الخدمة، وهي تحمل في أحشائها رئيس الأحبار والكاهن الأوحد، آتية بعمّانوئيل "إلهنا معنا" إلى عائلة كاهن العهد القديم زكريّا وزوجته أليصابات والجنين يوحنّا. إنّه الفرح الّذي يحمله حضور الرّبّ في بطن أمّه لهذه العائلة الّتي ستدخل في خروج جديد نحو فرح أرض ميعاد العهد الجديد، الفرح الّذي نقرأه في نبوءة صفنيا النّبيّ: "إفرحي يا أورشليم وابتهجي بكلّ قلبك، الرّبّ إلهك معك" (3/14- 18)."

 

وعن هاتين المرأتين شرح الخوري الرّيفونيّ أنّه "مع العذراء مريم علينا أن نعيش الثّقة والطّاعة والتّسليم لله "ها أنا!..."، "قامت مريم وانطلقت"، إنّها وثبة روحيّة فائقة، وديناميّة قويّة. فلنسأل: هل يُحدِثُ فينا الإيمان مثل هذا التّحرّك وهذا التّحوّل؟ نوّر الرّوح القدس أليصابات "وامتلأت من الرّوح القدس" وعرفت في مريم إبنة شقيقتها حنّة، أنّها أمّ ربّها، وأدركت حقيقة ما بشّر به الملاك جبرائيل مريم: "الرّوح القدس يحلّ عليك..."، نشاهد هنا حدثًا كأنّه استباق للعنصرة: فيه يدفع الرّوح القدس أليصابات كي تعترف بمريم "أمّ ربّي"، إنّه الاعتراف الإيمانيّ الأوّل بألوهيّة يسوع وبأمومة مريم الإلهيّة. وكأنّي بالجنينَين، يسوع في مياه "نهر" رحم مريم، ويوحنّا في مياه "نهر" رحم أليصابات، يلتقيان في بيت كارم حيث حلّ الرّوح القدس على ضفاف نهر هاتين المرأتين، سيتمّ أيضًا بعد ثلاثين سنة نفس اللّقاء مع يسوع ويوحنّا المعمدان في مياه نهر الأردنّ، يوم معموديّة يسوع، حيث سيحلّ الرّوح القدس بشبه حمامة ويستقرّ عليه، وبدل صوت أليصابات، هناك صوت الله تعالى حيث يُعلن قائلاً: "هذا هو ابني الحبيب الّذي عنه رضيت" (متّى 3/17)."

 

"فاقتداءً بمريم المُرسَلة الأولى، ينصحنا خادم رعيّة مار زخيا نحن المؤمنين في هذا الأسبوع أن نقف أمام محطّات تطلبُ منّا أن تكون الطّاعة والمحبّة أساسًا للعمل الرّسوليّ في رعايانا وفي العالم؛ ألّا نُجبِر على الانتظار مَن هم بحاجة إلينا؛ أن نتخطّى الصّعوبات، ونحتفظ بالفرح رغم الانشغالات؛ وأن لا تكن زياراتنا للثّرثرة وللكلام ضدّ الآخَرين، بل لإقرار الهدوء والمصالحة."

 

وختامًا، أنهى الخوري الرّيفونيّ تأمّله مصلّيًّا "إنفحنا اللّهمّ بروحك القدّوس كيّ نأخذ ابنك يسوع ونعطيه للآخرين، سواءً بالابتسامة أو الحضور أو الخدمة. ونهتف "نَعَمْ" للحياة و"لا" للإجهاض، "نَعَمْ" للعائلة المتماسكة بالمحبّة والسّلام، آمين!".