دينيّة
19 تشرين الأول 2016, 05:30

خاصّ- المسيحيّة في طرابلس.. حكاية بدأت مع القدّيس بطرس

أسّسها الفنيقيون منذ حوالي 6000 سنة قبل الميلاد، وطأها القديس بطرس الرسول وأسس فيها البذور المسيحيّة راسمًا عليها أسقفًا و12 قسيسًا وشدياقًا فتعمّدت وغدت مدينة مسيحيّة.. هي طرابلس لبنان الصامدة العاصية على الزمن على الرغم من كل الويلات والزلازل والحروب والفتوحات التي شهدتها، فحافظت على روح الإنجيل بتواضع ومحبّة وإخاء إلى يومنا هذا.

 

للغوص أكثر في تاريخ المسيحيّة في هذه العاصمة، كان لموقع نورنيوز الإخباري حديث مع الخوري فريد حبقوق الذي أطلعنا على تاريخ هذه المدينة وعراقتها وعن رسالة مطرانيّة طرابلس المارونيّة وعملها الذي يرتقي إلى بدايات الموارنة، إلا أن أرشيفها غير مكتمل بسبب الحروب والزلازل والفتوحات التي فتكت بها. ولكن، وبطلب من المطران أنطون جبير عام 1978، بدأ الخوري حبقوق بناء أرشيف المطرانيّة ورقة ورقة بعد أن كان مبعثرًا في غرفة مقفلة يتآكلها الغبار في دير مار يعقوب كرم سدّه، فسعى إلى تحديد معالم الأبرشيّة بوضوح، بعد أن غاب التّنظيم العمليّ للأبرشيّات في الحقبة الّتي تعود إلى ما قبل القرن التّاسع عشر، فأتى مجمع اللّويزة عام 1818 ليغيّر مجرى الأمور ويعطي الضّوء الأخضر في تنظيمها. وعندما باشر الخوري حبوق عمله، أوحت له هذه الأوراق بإصدار كتاب بعنوان "أبرشيّة طرابلس المارونيّة" يتحدّث فيه عن تاريخ الموارنة في طرابلس مسلّطًا الضوء على ما تيسّر وتبقّى من تاريخٍ عريق وغني غير معروف فمثلاً أقدم ورقة وجدها كانت عن المطران "سمعان" الذي سيم أسقفًا على الأبرشية سنة 1534 في عهد البطريرك موسى سعادة العكاري (1524 - 1567)، الذي أثناء وجوده في روما ألّف كتاب "الفرض الأسبوعيّ السريانيّ" بحسب طقس الكنيسة السريانيّة المارونيّة، وهو مخطوط يشتمل على 222 صفحة باللغة السريانية، دوّن على صفحته الأخيرة "بيد سمعان أسقف طرابلس المارونيّ من جبل لبنان وبعناية البابا بولس الثالث في 12  نيسان سنة 1543". وأوراق كثيرة أخرى مهمة جمعها الخوري حبقوق أوضحت تاريخًا مليئًا بالجهد والعمل الدؤوب لخير الرسالة المسيحيّة في طرابلس.

على الرغم من هذا التاريخ الحافل تظل هذه المطرانية الفقيرة والمتواضعة، ولكن الغنيّة بروح المسيح، تعمل بصمت ولا تفرّق بين أبنائها من أية ديانة أو طائفة كانوا، فلديها مثلاً 12 مدرسة خاصة شبه مجانيّة أساتذتها من الديانة المسيحيّة إلا أن معظم طلّابها من المسلمين.

وعند زيارتنا المقتضبة إلى مركز المطرانيّة، التي تمتد حدودها ساحلاً من القبيات في عكار إلى شكا وجبلاً من منتورين إلى طرابلس باستثناء زغرتا وإهدن وبشرّي، استقبلنا المطران جورج بو جودة مع المونسينيور بطرس جبور بترحاب وبساطة وكرم واضعين بتصرّفنا كل ما يلزم لعمل الرسالة ونشر كلمة الرّب.

نعم، هذه هي طرابلس العاصمة التي نعتزّ بها، بثقافتها وتعايشها وروحانيتها ورسالتها وتفاني أبنائها في نشر محبّة الإنجيل.