دينيّة
20 شباط 2022, 08:00

خاصّ– الرّيفونيّ : لنتأمّل بأهميّة تبادل خيرات ما نملكه مع الآخر كأخٍ لنا في الإنسانيّة

غلوريا بو خليل
"أرجوان وقروح"... بهاتين الكلمتين المتناقضتين اختصر خادم رعيّة مار زخيا عجلتون الخوري بولس الرّيفونيّ مشهديّة مثل الغنيّ وألعازر للقدّيس لوقا (16/19-31) لموقعنا في هذا الأحد الأخير من التّذكارات قبل بدء زمن الصّوم المبارك.

وإستهلّ الخوري الرّيفوني تأمّله الرّوحيّ قائلًا: "يطلّ علينا أحد وأسبوع الموتى المؤمنين ونحن في زمن نعيش فيه تحدٍّ على مستوى حياتنا الاقتصاديّة والوبائيّة، زمن نختبر فيه هشاشة التّعاطي في سبيل الحقوق والواجبات تجاه خدمة إنسان اليوم الّذي يبحث عن مستحقّاته الحقوقيّة المتناثرة على أرصفة خريف ينتظر ربيعًا خلاصيًّا يحمل له الأمان، قارعًا باب أخ له في الإنسانيّة بيدِ مجروحة بجراحات البغضاء والأنانيّة الفارغة."

وأكمل: "وفي هذا الأحد تضع لنا الكنيسة قراءة مثل الغنيّ وألعازر (لوقا 16/19-31)، لنتأمّل بأهميّة تبادل خيرات ما نملكه مع الآخر كأخٍ لنا في الإنسانيّة بمحبّة تجعلنا روّادًا في سخاء القلب الطّافح بالرّحمة. "كان رجل غنيّ..." و"كان رجل فقير..."، بينهما باب مغلق خلفه الأرجوان والكتّان النّاعم، وأمامه القروح الخشنة. نشير إلى أنّ هذا المثل يتميّز بتسمية شخص بإسمه، حيث لا يوجد عادة اسم علم في قصص الأمثال، اسم "لعازر" وهو تصغير "أليعازر"، ويعني "الله يساعد". يمكننا ونحن نتأمّل بهذا المثل أن نتذكّر إحدى نبؤات آشعيا النّبيّ: "إذا تخلّيت عن لقمتك للجائع وأشبعت الحلق المعذّب يشرق نورك في الظّلمة ويكون ديجورك كالظّهر ويهديك الرّبّ في كلّ حين ويشبع نفسك في الأرض القاحلة ويقوّي عظامك فتكون كجنّة ريّا وكينبوع مياه لا تنضب" (آشعيا 58/10-11).

إنّ الأشخاص الرّئيسيّون في المثل ليسوا ربّما الغنيّ أو لعازر، بل الإخوة الخمسة غير الواعين عمّا يهدّدهم، حيث يريد لوقا الإنجيليّ تنبيه القارئين حتّى لا يختبروا المصير نفسه. فالمؤمن الصّادق يعتبر أنّ الموت هو يوم فرح له، لأنّه يخرج من دنيا الشّقاء والهوان إلى دار الرّاحة والمجد (لوقا 9/31)، حيث ينعم بعد موته بالوجود مع المسيح.

يقول لنا قداسة البابا فرنسيس في كتابه "شابٌ هو الله": "نحن لا نساوي شيئًا من دون رأسنا وقلبنا. لا نساوي شيئًا إذا قدّمنا ذواتنا فريسةً للغرائز بدون وعي. إنّ العقل والقلب يقرّبان الإنسان من الواقع، فنقترب من الله، لأنّنا نكون قادرين على التّفكير بالله والذّهاب للبحث عنه. مع العقل والقلب يمكننا أيضًا اكتشاف ما يؤدّي إلى الشّرّ، ونشعر بأنّنا، كما الله، نحبّ فعل الخير، وحبّ القريب. يجب ألّا ننسى كلمات يسوع: "من أراد فيكم أن يصير كبيرًا يكون لكم خادمًا" (مرقس 10/43).

وبصلاة معبّرة اختتم الخوري الرّيفونيّ تأمّله مناجيًا: "أيّها الرّبّ أحِلّ أمواتنا في مساكن الرّاحة، وثبّت خطواتنا في هذا السّينودوس:"شركة شراكة ورسالة"، وأعطنا أن نمدح سرّ محبّتك فنصل قرب إبراهيم أب المؤمنين. آمين".