دينيّة
11 نيسان 2021, 07:00

خاصّ– الخوري مبارك: اليوم، ما عمق قناعتنا وإيماننا بيسوع القائم من الموت؟

غلوريا بو خليل
الأحد الجديد هلّ ومعه أحد الرّحمة الإلهيّة حلّ، وهل هناك أجمل من التّجديد والرّحمة يملأنا بهما الله نعمًا لنمضي قدمًا في حقله؟ في هذا الأحد المميّز يذكّرنا موقف توما بمواقفنا المليئة بالشّكّ والخوف، ويعلّمنا أن ننظر بعين الإيمان ليضمحلّ كلّ سوء وبخاصّة إن آمنّا أنّ لنا أب رحوم يحبّنا ويرعانا ويرافقنا في هذا الوادي، وادي الدّموع. ولقراءة إنجيل هذا الأحد الجديد، أحد ظهور يسوع للتّلاميذ وتوما معهم للقدّيس يوحنّا (20/ 26 -31) على ضوء الإيمان، كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة مار سمعان العموديّ - القليعات الخوري يوسف مبارك.

إستهلّ الخوري مبارك حديثه شارحًا: "إنّ الفصل 20 من بشارة يوحنّا الرّسول فيه بعض التّعابير تدخلنا في تساؤل. يقول يوحنّا: "بعد ثمانية أيّام!" والمعروف أنّ الأسبوع مؤلّف من سبعة أيّام، يبدأ بالأحد وينتهي بالسّبت. فمن أين أتى اليوم الثّامن؟! ثمّ نقرأ أنّ يسوع يقف للمرّة الثّالثة وسط الرّسل ويعطيهم السّلام:

أوّلًا، هذا النّصّ هو تكملة للنّصّ الذي يبدأ بالآية: "في مساء ذلك اليوم، يوم الأحد..." (يو 20/ 19)، لنصل إلى الآية 26 بداية هذا النّصّ "وبعد ثمانية أيّام... وكان توما معهم". يريد يوحنّا أن يُعطينا تعليم وحقيقة إيمانيّة، فيقول: وقف يسوع وقال لهم السّلام لكم ونفخ فيهم. فعل نفخ، يُذكّرنا بسفر التّكوين حين جبل الله تراب ونفخ فيه نسمة حياة فكان الإنسان، وها هو يسوع ينفخ في الرّسل وهذا ما أفهمنا إيّاه بولس الرّسول: كلّ من هو في المسيح فهو خلق جديد! لذلك نسمّي هذا الأحد ليتورجيًّا الأحد الجديد! فالخليقة تجدّدت بموت وقيامة الرّبّ يسوع، هو بكر كلّ الخلائق، شابهنا بكلّ شيء ما عدا الخطيئة. هذه النّفخة أو النّسمة، هي بمثابة إعادة خلق للرّسل ومن خلالهم للبشريّة وهذا سيفهمنا المقصود من "بعد ثمانية أيّام"، إنّه الخلق الجديد الذي تمّ بسلام مثلّث "السّلام لكم ونفخ فيهم" إنّه سلام الثّالوث الأقدس الإله الأوحد.

ثانيًا، صرخة توما الرّسول: "ربّي وإلهي!" بعد دعوة يسوع له ليضع إصبعه في جراحه، تؤكّد أن المسيح يسوع هو ربّ أيّ قائم من الموت وهذا لقب قياميّ نفهمه من رسالة بولس لأهل فيليبّي 2" أعطي له الإسم الذي يفوق كلّ الأسماء: "ربّ"، وكلمة "إلهي" هي تأكيد أنّ يسوع هو العمانوئيل الكلمة المتجسّد وحقيقة الألوهة كلّها. إذًا هو اعتراف بالقيامة وبأنّ يسوع هو الله الذي لا يموت!

ثالثًا، جواب يسوع: "طوبى للّذين آمنوا ولم يروا"، مَن منّا رأى المسيح الرّبّ بعد القيامة والصّعود والعنصرة...؟ لا أحد! إذا ما هي ركيزة إيماننا؟

أيّها الأحبّاء، إيماننا هو رسوليّ، إيمان شهود القيامة أيّ الرّسل، لذلك يختم يوحنّا هذا الفصل:  "لكي تكون لكم إذا آمنتم الحياة باسمه" (يو20/31)، أيّ إذا آمنتم بما نُبشّركم به."

وإستطرد الخوري مبارك مؤكّدًا "ليس بالسّهل أن أؤمن بشيء أو بشخص لم أرَه، هنا يأتي الإيمان المبنيّ على شهود القيامة، كما نقول بقانون الإيمان "نؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسوليّة"، فالطّوبى التي تلفّظ بها يسوع هي لنا نحن أبناء هذا العصر، فطوبى لنا نحن الذين آمنّا على يد الرّسل وخلفائهم ولم نرَ. إيماننا هذا ليس إنهزاميًّا أيّ لا حول ولا قوّة لنؤمن فإن لم ينفع لا يضرّ! لا يا أحبّاء، نحن نملك إيمانًا تسليميًّا حيث نضع إرادتنا بين يدي الرّبّ كما فعل توما معترفين: أنت الرّبّ الإله معك نصبح خليقة جديدة بقوّة رحمتك، لذلك سمّت الكنيسة هذا الأحد بأحد الرّحمة الإلهيّة: رحمة تجلّت وتعمّقت بعد القيامة بالنّفخة القدسيّة وبرسالة: خذوا الرّوح القدس مَن غفرتم خطاياه تُغفر له ( يو20/23) لهذه الدّرجة أراد الرّبّ رحمتنا فمات وقام ليؤكّد أنّه إلى الأبد رحمته وقد تجلّت بكامل قوّتها في سّر التّوبة والمصالحة، وتحوّل ضعفي وموتي الرّوحيّ، إلى قوّة وحياة فأصبح خليقة جديدة بالمسيح وتسري في عروقي قيامته حيث سأتّحد به في الأبديّة."

وتابع كاهن رعيّة مار سمعان مشدّدًا "واليوم، ما عمق قناعتنا وإيماننا بيسوع القائم من الموت؟ بيسوع الإله الحقّ والإنسان الحقّ، الذي من أجل كلّ البشريّة قام بمشروعه الخلاصيّ! وكم لنا من الجرأة أن نكون رسل قيامة نُسهم بزرع هذا الإيمان وتأكيده بمسلكيّتنا اليوميّة الواقعيّة، عبر شاشات التّلفزة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ...، حيث ثقافة الموت الأخلاقيّ والسّفاهات مسيطرة على الصّفحات كافّة يبثّها مسؤولون عميان وأتباع أعمى منهم... ومُشكّكون... جحدوا بإيمانهم الرّوحيّ والأخلاقيّ والوطنيّ! بدل أن يُبشّروا بثقافة كرامة الحياة البشريّة والقيامة الرّوحيّة وقيامة لبنان!"

وإختتم الخوري مبارك قائلًا: "طوبى لنا يا أحبّاء، إذا نؤمن بيسوع القائم من الموت ونؤمن بأنّنا بوحدتنا وتوبتنا نُحيي ونُقيم لبنان من ظلمة قبره فيخزى صالبوه، ولنؤمن عاملين بإيماننا لتكون لنا وللبناننا الحياة باسم الرّبّ يسوع له المجد هلّلويا!"