خاصّ- الخوري زغيب: لقد قام المسيح من الموت وحوّل قبورنا إلى فراغ

وتابع: "فرض صمتُ القبور شريعته على حضارات الدّنيا وأساطيرها المشرقة بدخان الفناء والزّوال، ومحت السّنون أجمل قصص الانتصارات والإنجازات والمفاخر البشريّة المكتوبة على رمال صحراء نهم الإنسان المتعطّشِ للمجد والخلود الذي حاول نقشه على صخور صمّاء لا حسّ فيها ولا حياة. يستحيل الكلام عن البداية في مملكة الزّوال والنّهاية.

وحده قبرٌ فارغٌ على جلجلة أورشليم، يهمس من وراء صمته صوتٌ مُزلزلٌ: "إنّه قام وليس ههنا".

وحده قبرٌ فارغ يشهد لحقيقة القيامة، يا لعمق سرّ غناك يا الله كم أنتَ عظيم لأنّك وحدَكَ القادر أن تحوّل النّهاية إلى بداية.

لقد قام يسوع من الموت وحطّم رأس الشّيطان ومحا الخطيئة الأصليّة وغسل أرجاسها بدمه الثّمين وأطلق آدم من سجن الكبرياء والتّألّه وأعاده إلى جنّة يرعى فيها الذّئب والحمل جنبًا إلى جنب، وتسودها شريعة الحبّ الذي يبذل نفسه في سبيل أحبّائه.

لقد قام المسيح من الموت ونحن شهود على ذلك، شهود إيمان راسخ بكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسوليّة شقّت طريق الخلود مستقيمة وسط سبل الإنسان المعوجّة وكان شهودها الأحياء قدّيسون وأبرار لم يقدر الموت على محو ذكراهم وأعمالهم وباتت قبورهم محجًّا للملايين الذين يهتفون بالشّكر لنعمة شفاء من هناك وعزاء من هناك."

وإختتم الخوري زغيب بعبرة نتأمّل من خلالها بعمق قيامة الرّبّ ورهبتها فكتب: "لقد قام المسيح من الموت وحوّل قبورنا إلى فراغ، تمامًا كما قبره، وفراغ قبورنا لا يهمس بقصّة الرّعب والزّوال والفناء بل بصوت خافت ناعم وفي آن مُزلزل: "المسيح قام حقًّا قام ونحن شهود على ذلك"". في قبر فارغ على جلجلة أورشليم اعتقد أبناء الهلاك أنّها النّهاية ولم يزل أولادهم وأحفادهم يعتقدون، فجاءهم همسٌ خافتٌ من داخل القبر قضّ مضاجع كفرهم وإنكارهم: "إنّه ليس هنا، لقد قام". إنّها البداية. آمين."