خاصّ- الخوري زغيب: لا يُمكن لرسول المسيح أن يرتفع قبل أن يتّضع
وتابع: "تسود نزعة امتلاك السّلطة حتّى رسل المسيح، فطلب والدة ابنَي زبدى لم يكن سوى رغبة كامنة في عمق أعماقهما البشريّة، وما ردّة فعل الرّسل الآخرين الممتعضين سوى غيرة سلبيّة مبنيّة على تساؤل وجوديّ "لماذا أنتما وليس نحن؟".
جواب يسوع على الطّلب مربوط بشرط شرب كأس الآلام المزمع أن يواجهها على الصّليب، وهو مصير محتوم على كلّ الرّسُل مواجهته بمن فيهم ابنَي زبدى، يعقوب الكبير أوّل شهداء الدّم بين رسل المسيح، ويوحنّا الحبيب آخر شهداء الشّوق في منفاه.
أمّا القيام عن يمين المسيح وعن يساره فهو معدٌّ منذ البدء للذين اختارهم الآب السّماويّ، وصورة المصلوب خير دليل على اختلاف منطق الله عن منطق البشر، فعن يمين يسوع على الجلجلة وعن يساره لصّان سرق أحدهما الملكوت ودخله قبل آدم وجميع الأنبياء والشّهداء والأبرار، فيما الآخر هلك بخطاياه وقلّة إيمانه.
لا يُمكن لرسول المسيح أن يرتفع قبل أن يتّضع، فيسوع أوضح لتلاميذه أنّ: "رؤساء الأمم يسودونهم وعظماءهم يتسلّطون عليهم. أمّا أنتم فليس الأمر بينكم هكذا، بل من أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا. ومن أراد أن يكون الأوّل بينكم، فليكن عبدًا للجميع"."
واستطرد: "يوم تتبنّى الكنيسة منطق السّلطة البشريّ، ينتشر الرّعب والظّلم والحروب وتختلط دماء الأبرياء بدماء الضّالين، وتفسد الضّمائر ويسود الشّذوذ الأخلاقيّ على منطق الاستقامة في المسلك والشّهادة. ويوم تتبنّى الكنيسة تعاليم سيّدها يسوع المسيح وتتشبّه بأخلاقه وتسير حسب تعاليم إنجيله يسود السّلام والازدهار وتعلو صروح العبادة والتّربية والعلم والاستشفاء وتنهض الأمم وتترقّى الشّعوب."
""لتكتشف الآخر ضع السّلطة في يده ثم انظر كيف يتصرّف" (مونتسكيو). "السّلطة لا تُغيّر الأشخاص، هي فقط تكشفهم على حقيقتهم والقادة العظماء يكتسبون السّلطة بالتّخلّي عنها." (جايمس ستوكديل)"، بهذين الاستشهادين اختتم الخوري زغيب تأمّله ليضيء على أهمّيّة أن تكون المسؤوليّة خدمة واتّضاع على مثال المسيح وإلّا كان الخراب.