دينيّة
10 تموز 2022, 07:00

خاصّ- الخوري أبو غزاله: الإضطهاد هو علامة حياتنا المسيحيّة وشهادتها المرفوعة على صليبها

نورسات
"قال ترتليانوس: "دمُ الشّهداء زرعُ المسيحيّين"، فالاضطهاد هو علامة حياتنا المسيحيّة وشهادتها المرفوعة على صليبها. في وسط الاضطهاد نستطيع أن نطمئن لأنّ الرّبّ يسوع قد غلب العالم وعذاباته وشدائده. المعاناة من النّاس - ليس من الخارج فقط بل من الدّاخل أيضًا- لا تثنينا عن حبّ يسوع ولا عن اتباعه. فوقت الشّدّة والضّيق "لا تستحِ بالشّهادة لربّنا"، كما يوصي القدّيس بولس تلميذه طيموتاوس، كذلك نحن أيضًا يوصينا ربّنا ألّا نخذله ونتركه بل نبقى على الوعد والعهد معه." بهذه المقدّمة الرّجائيّة استهلّ خوري رعيّة القدّيسين سركيس وباخوس- جديدة المتن الأب جان بول أبو غزاله تأمّله حول إنجيل القدّيس متّى (10/ 16- 25) في الأسبوع السّادس من زمن العنصرة تحت عنوان "إرسال الرّسل".

وتابع: "سوف يرسلهم كالخراف بين الذّئاب، وأيّ إرسال هذا بين الأشواك والألغام! لم يَعِدهم بنزهة ولا جولة ترفيهيّة، بل كان صادقًا معهم ومعنا كما هو دائمًا ويقول لنا الحقيقة مهما كانت صعبة ومرّة، وهذه الحقيقة هي أنّ الاضطهادات هي ملازمة للّذين يتبعونه. فحيث يكون التّلاميذ هناك الاضطهادات وحيث يكون المسيحيّون كذلك هناك الاضطهاد، إلى حدّ ما قاله المؤرّخ الرّومانيّ تاسيانوس عندما أراد أن يعرّف عن المسيحيّين: "المسيحيّون هم المكروهون من الجميع"، ولكن محبوبون من مسيحهم.

لماذا هذا الاضطهاد؟ لأنّ إعلان الملكوت والبشارة بالرّبّ وتعاليمه ووصاياه كلّ هذه تعطّل وتضرب مصالح العظماء في العالم الذين لا يطيقون تعاليمه ولا البشارة به...

المسيحيّ في وداعته يكون كالحمام الذي لا حمل حقدًا ولا ينصبُ فخاخًا لأحد، لكنّه يلتزم حكمة الحيّات فلا يفسح لأحدٍ مجالًا في أن يوقعه في شراكه.

وكما حاكم العالم يسوع وصلبه وظنَّ أنّه انتصر عليه نهائيًّا، كذلك سيحاكم التّلاميذ والذين يخلفونهم ويدفعهم إلى العذاب فالموت ظنًّا منه أنّه سينتصر عليهم وسيقتل البشرى بقتلهم، إلّا أنّ الرّوح القدس كما شهد ليسوع ولقيامته ومجده كذلك سيشهد للتّلاميذ وسيجعل من استشهادهم ساعة مجدٍ جديد في الكنيسة وسيحوّل موتهم إلى حياة وهداية لكثيرين. هذا هو عمل الرّوح فينا! فلا نهتم كيف أو بماذا نتكلّم بل روح أبينا هو المتكلّم فينا. فهو يدعونا ألّا نخاف ونكفّ عن القلق والهمّ إن كنّا مستعدّين ونريد حقًّا أن نقدّم الإنجيل إلى العالم، فهو سيدبّر كلّ شيء.

عندما نتحدّث عن الاضطهاد يخطر على بالنا نيرون والرّومان ورمي المسيحيّين للوحوش والعذابات بالنّيران، أو اضطهاد المسيحيّين في العصر الحاليّ في بعض البلدان حيث هناك جماعات أصوليّة متعصّبة ومتشدّدة وتريد الفتكَ بالمسيحيّين بشدّة والتهامهم مثل بوكو حرام وداعش وغيرهم، ولكن يغيب عن بالنا كم هناك من اضطهاد مسيحيّ- مسيحيّ، اجتماعيّ ونفسيّ ومعنويّ وإنسانيّ وغيره. كم من الأحيان نخاف ممّا سوف يقوله الآخرون عنّا إن صلّينا أمامهم أو ركعنا لربّنا أو شاهدوا المسبحة الورديّة في يدنا وفي أعناقنا، نخاف من أن يسخروا منّا ومن نظرتهم إلينا."

وبكلمة تشجيعيّة اختتم الخوري أبو غزاله تأمله قائلًا: "فلنكن في هذا الزّمان واعين لعمل الرّوح فينا ومتفاعلين معه لنحقّق يومًا بعد يوم نصرتنا على كلّ اضطهاد وعذاب وموت على مثال مسيحنا قدوتنا وقدرتنا. آمين.".