خاصّ- الخوري أبو غزالة: يوسف نام محتارًا بأمر مريم، ثمّ قام مختارًا يعمل بأمر الله
وإستفاض شارحًا:
""كان يوسف بارًّا":
لفظة بارّ تدلّ على دخول يوسف في مخطّط الله، كما دخلت مريم في مخطّطه بقولها: "ها أنا أمة الرّبّ"
"تراءى له ملاك الرّبّ في الحلم":
نقارنه مع يوسف ابن يعقوب الذي كان يكلّمه الرّبّ في الحلم. كلّمه الملاك وهو نائم لا يستطيع أن يسأل أو يستفسر، بعكس حالة زكريّا أو مريم اللّذان كلّمهما الملاك في اليقظة بكامل وعيهما.
"يا يوسف بنَ داود، لا تخف":
يعني لا تخف أن تبدّل مشروعك وتدخل في مشروع الله، يعني لا تخف من ألمك لأنّ من صلبه سينبتُ الفرح. رأى آماله وأحلامه تتساقط وتتلاشى وطموحاته تتكسّر على صخرة خيبة الأمل. يوسف قلق، يوسف يتعذّب، يوسف حائر، يوسف خائف على مصير مريم، خائف على مشروعه الذي سوف يخسره قبل انطلاقه، خائف على المستقبل مع مريم المدمّر قبل أن يبدأ. لا يعرف ماذا يفعل؟ يعيش صراعًا وهو المجروح والذي لا يريد أن ينتقم ولا أن يؤذي مريم أو الطّفل معًا.
القلق، الخوف، الهواجس، المستقبل...، ماذا ينتظرنا؟ مَن منّا لا يمرّ بمثل هكذا اختبار، ولكن كيف نواجه هذه الصّعوبات والتّحدّيات؟ بالقلق وبالخوف أم بالرّجاء وبالإيمان؟
مقارنة مع يوسف ابن يعقوب الذي قال لإخوته لا تخافوا أنتم نويتم عليَّ شرًّا والله نوى به خيرًا. كذلك الله نوى خيرًا ليوسف بحبل مريم، وليس شرًّا، لأنّ منطق السّماء غير منطق الأرض، منطق الله غير منطق البشر.
فلا يجب أن نخاف إذًا مع الله، لأنّه لن يتركنا: "ها أنا معكم طول الأيّام إلى نهاية العالم" (متّى 28/20).
إذن لماذا القلق؟
"ولمّا قام يوسف من النّوم، فعل كما أمره ملاك الرّبّ":
وهو الذي نام محتارًا بأمر مريم، ثم قام مختارًا يعمل بأمر الله. نام وهو يفكّر إن يفعل بما تأمره الشّريعة، ماذا يحصل؟ رجمُ مريم وموتها والطّفل معًا. فقام وهو يفعل بما أمره الملاك. آمنَ بكلام الله وصدّقه. فهمَ يوسف أنّ المحنة التي يمرّ بها ستقوده إلى الفرج، إلى الخلاص، إلى النّور... قريبًا."
وإختتم الخوري أبو غزالة تأمّله بـ"أمثولات نتعلّمها من المعلّم القدّيس يوسف البارّ"، فكتب:
- الإتّكال على الله، وليس على نفسه وعلى قراراته الخاصّة.
- عدم التّشهير بالآخر وعدم إنزال العقوبة سريعًا به.
- التّريّث والصّبر بدل اتّخاذ القرارات السّريعة والهوجاء."