دينيّة
15 آذار 2020, 08:00

خاصّ- الإبن الضّال أو الأب الرّحيم؟

غلوريا بو خليل
في الأحد الرّابع من زمن الصّوم تتناول الكنيسة المارونيّة إنجيل القدّيس لوقا (15/ 11 – 32)، مثل الإبن الضّال. وعند التّعمّق بهذا النّصّ الإنجيليّ، نتساءل أهو مثل الإبن الضّال أم مثل الأب الرّحيم... ومن هنا كان لنا حديث خاصّ مع الرّاهب المريميّ الأباتي سمعان أبو عبدو.

إستهلّ الأباتي أبو عبدو حديثه قائلًا: "اِعتُبِرَ هذا المـَثـَل دُرّةً ثمينةً في الإنجيلِ لأنّهُ يَتحدَّثُ عَن أبٍ رَحومٍ يَستقبِلُ ابنَهُ الخاطِئَ ويَدعو ابنَهُ الأكبَر للدُّخولِ إلى وَليمَةِ الفَرَح."

وإستطرد الأباتي مضيفًا: "وقفة وجدانيّة مع الذّات من قبل الإبن الضّال، وقفة مع الضّمير الذي هو صوت الله في أعماق الإنسان. هذه الوقفة هي بحدّ ذاتها عودة إلى الله، إلى نقطة الانطلاق: "كم أجير في بيت أبي يفضّل الخبز عنهم وأنا أموت جوعًا!". وبنتيجة هذا الإدراك، يأتي قرار التّغيير: "سأقوم وأمضي إلى أبي"، ولاستعادة الشّركة مع الله التي كسرتُها بخطيئتي. "يا أبتِ، قد خطئتُ إلى السّماء وإليك"، فإنَّ العدالة تقتضي التّعويض والتّكفير: "لستُ أهلًا لأن أُدعى لك إبنًا، بل عاملني كأحد أجرائك"." 

وتابع الأباتي أبو عبدو: "إنَّ الله في حالة انتظار محبّ لعودة الخاطئ: "فيما كان بعيدًا رآه أبوه، فتحنَّن عليه". ما يعني أنّ الله هو الذي يُحرِّك قلب الخاطئ ليعود إليه ويتوب. ثم "أسرع فألقى بنفسه على عنقه وقبّله طويلًا". إنّها قبلة الغفران والرّحمة. أعاد الآب لابنه بنوّتَه الكاملة وبهاءها ومكوّناتها المتمثّلة بثلاثة: الحلّة الفاخرة، الخاتم في يده، الحذاء في رجليه. وبعدها ذبح العجل المسمَّن والسّرور والفرح الذي جمع العائلة كلّها."

وعن منطق الأبوّة والرّحمة أضاف الأباتي أبو عبدو قائلًا: "ويقول الأب لابنه الأكبر:"يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائمًا أبدًا، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ. ولكِن قد وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح". إنّ منطقه هو منطق الرّحمة! لقد كان الابن الأصغر يعتقد أنّه يستحق قصاصًا بسبب خطاياه أمّا الابن الأكبر فكان يتوقّع مكافأة على خدماته. لكنّ كلمات الأب هدمت هذا المنطق: "وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح، لأنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيتًا فعاش، وكانَ ضالًّا فوُجِد"."

وإختتم الأباتي أبو عبدو حديثه مؤكّدًا: "مهما كانت الحالة التي أعيشها، عليّ ألّا أنسى أنّني أبقى على الدّوام ابنًا لله، ابن أب يحبّني وينتظر عودتي. يعلّمنا هذا الإنجيل أنّنا جميعنا بحاجة للدّخول إلى بيت الآب والمشاركة بفرحه وبعيد الرّحمة والأخوّة. هل نحن مستعدّون لنفتح قلوبنا لنكون رحماء كالآب؟".