دينيّة
25 شباط 2022, 08:00

خاصّ-الأب صفير: زمنٌ مقدّس في أفعال ثلاثة: صوم، صلاة وصدقة

نورسات
"زمن الصّوم الأربعينيّ هو رياضة روحيّة ومسيرة مقدّسة إلى الفصح العظيم الـمقدّس، حيث تضع الكنيسة قيامة الرّبّ يسوع كمحطّة يسير إليها الـمؤمن برحلة روحيّة خاصّة تـمتدّ طوال الزّمن الأربعينيّ الـمقدّس. ذلك أنّ قيامة ربّنا وإلـهنا ومـخلّصنا أعطت لكلّ مؤمن حياة جديدة: "أمس دفنت معك واليوم أنـهض معك بقيامتك" (راجع كتاب القدّاس اللّاتيني في خدمة قيامة الرّبّ). إنّ قيامة الرّبّ يسوع هي حدث لا يزال يـحدث في كلّ إنسان اقتبل نعمة الـحياة الـجديدة وعاش بـموجبها." بهذه المقدّمة الرّوحيّة استهلّ الأب نوهرا صفير الكرمليّ حديثه لموقعنا.

وتابع: "في مسيرة الصّوم، نـحن مدعوّون لنعيش فعليًّا كأبناء الله. ولنخوض هذه الـمسيرة، لدينا ثلاثة وسائل تسمح لنا بالـخروج من الإنسان العتيق إلى الإنسان الـجديد، وهي: الصّوم، الصّلاة والصّدقة.

إنّ الرّبّ يسوع عاش وحقّق ذاته كإبن الله سالكًا طريق البريّة وصولًا إلى ساعة التّخلّي الكبرى ساعة الصّليب. من استقبل ذاته من أبيه، صام. إنّ انفتاحه على أبيه بالصّلاة ترجم بعطاء ذاته للآخرين."

وأردف: "في مسيرة الصّوم، تـحتلّ الصّلاة الـمكانة الكبرى في حياتنا. إنّـها ليست مـجرّد ترداد كلمات بل هي علاقة صداقة نبنيها قلبًا لقلب مع الرّبّ. لا نقصد بالصّوم الامتناع عن الأكل كغاية وإنّـما كمسيرة لكي تـجوع نفوسنا وأجسادنا لكلمة الله وحضوره. لكي يكون صومنا حقيقيًّا يجب أن يقرّبنا من إخوتنا الـمحتاجين فلا تصبح صدقتنا مـجرّد عطاء ماديّ للآخر بل إعطاء ذاتنا وما نحن عليه لكلّ إنسان. في هذه المسيرة الثلاثيّة الأبعاد ينفتح المؤمن على علاقة حقيقيّة مع الله تثمر بارتداد قلبه وانفتاحه على الآخرين.

إنّ الرّبّ يسوع قد ربط كلّ من الصّلاة والصّدقة بالصّوم، واعتبرهم من الأفعال والأعمال الضروريّة بالنسبة للحياة الرّوحيّة. لكنّه وجّه إلينا كيفيّة مـمارستها وعيشها بكثير من «الـخشوع» و«الـحشمة» و«الـمجانيّة». إنّ اختبار يسوع في الصّحراء وكيف واجه تجربة الشيطان، يشرح لنا مدى الارتباط العميق بين هذه الأفعال الثّلاثة: الصّوم، الصّلاة والصّدقة."

وأضاف: "الـمؤمن الصّائم، على خطى الرّبّ يسوع، يعيش مسيرة الصّوم الـمقدّس كجهاد دائم ومستمرّ وذلك من خلال التّخلّي عن علاقاته الـمزيّفة:

* مع الله، والبعيدة عنه: "إرم بنفسك من أعلى الـهيكل".

* مع الآخرين، والبعيدة عنهم: "التّسلّط على العالـم".

* مع ذاته والبعيدة عنها: "أن نتغذّى من حجارة تـحوّلت إلى خبز"."

وأكمل قائلًا: في مسيرة الصّوم الأربعينيّ، نـحن مدعوّون لنعيش فعليًّا كأبناء حقيقيّين لله، كأحبّائه، متسلّحين بـهذه الوسائل الثّلاثة للابتعاد عن كلّ ما يعيق علاقتنا معه.

إنّ مسيرة الصّوم الـمقدّس التي تـمرّ بالآلام، ترتقي إلى الصّليب وتتوّج بالقيامة، هي مرحلةٌ ملؤها الفرح بقدوم العريس ومصابيحنا مشتعلة. إنّه فرح العيش بـمعرفة حقيقيّة بأنّنا أبناء إله الـمحبّة والرّحـمة. كمعمّدين في قلب هذا العالم، نـحن أبناء الله الآب، وإخوة يسوع الـمسيح، وهياكل الرّوح القدس الّذي يبنينا ويدخلنا في الشّراكة مع الثّالوث الأقدس ومن خلاله مع إخوتنا البشر. اليوم كلّنا ننادي "أبّا يا أبانا"، وبـهذا كلّ الـمعنى الـحقيقيّ أنّنا جـميعًا إخوة".

وإختتم الأب صفير بالقول: "وإن تغيّرت أساليب ومـمارسات الصّوم، فإنّ جوهره يبقى واحدًا، إنّه فترة الصّحراء التي يـمرّ بـها الإنسان الـمعمّد أو طالب العماد الصّالـح أو الـخاطئ، وصولًا إلى أرض الـميعاد الـجديدة التي هي الـمصالـحة مع الله والكنيسة الـمقدّسة الـجامعة."