دينيّة
05 شباط 2023, 08:00

خاصّ- الأب أبي عون: يسوع يتحدّانا بنمطيّة حياتنا وطريقة تفكيرنا

نورسات
"أعتقد بأنّ إنجيلَ هذا الأحد الأبرار والصّدّيقين حول الدّينونة العظمى وما ينطوي على المبادرات الجديدة نحو الآخر المسكين، قد شكّل صدمةً للتّلاميذ حين ألقاه يسوع عليهم ضمن سلسلة من الأقوال قبل دخوله في آلامه المقدّسة ومسار مختلف لحياة جديدة معه هو". بهذه المقدّمة استهلّ رئيس أنطش سيّدة التّلّة - دير القمر وخادمه، الأب جوزف أبي عون الرّاهب المارونيّ المريميّ تأمّله في الأسبوع الثّاني من أسابيع التّذكارات انطلاقًا من إنجيل متّى (25/ 31 – 46).

وتابع: "هم الذين اعتادوا أن يسمعوا من تعليم الكتبة والفرّيسيّين بأنّ هذه الحالات الإنسانيّة الصّعبة والمؤلمة الواردة في هذا الإنجيل وغيرها الكثير هي علامة قصاص من الله ويوجب الابتعاد عنهم، وإذ بهم يسمعون من يسوع بأنّ هذه الحالات وأصحابها هم المقياس الأساسيّ للدّينونة الأخيرة والذّهاب إليهم والاهتمام بهم هو الطّريق السّليم لميراث الملكوت السّماويّ.

مع يسوع تحوّل كلّ شيء وتبدّل. بات الجائع والعطشان والغريب والعريان والمريض والسّجين صديقًا حبيبًا يتماهى معه، حتّى بلوغه أقصى الحبّ القريب والمتجرّد بأنّه اعتبر كلّ من يقوم بالاهتمام بهم "هؤلاء إخوتي الصّغار" كأنّه حدث معه.

نزع يسوع عنهم رداء الحكم البشريّ وقساوة قلوبهم وألبسهم رداء الحبّ الإلهيّ  وعنايته، وحوّلهم من محطّ ازدراء وإقصاء إلى موقع إخوته الصّغار.

يسوع يتحدّانا بنمطيّة حياتنا وطريقة تفكيرنا، يهزّ مواقعنا الهادئة، يفاجئنا بمبادراته، يبكّتنا على أسلوب روتينيّ اعتدنا على سلوكه وفقدنا فيه روح المبادرة والمغامرة.

إلى الذين عن يمينه، باركهم لأنّهم أخذوا المبادرة وراحوا بدون أيّ دعوة أو مصلحة أو حسابات نحو هؤلاء النّاس الطّيّبين، حتّى بدون علمهم بأنّ يسوع الملك كان حاضرًا فيهم. قاموا بهذا فقط لأنّ الحبّ ساكنٌ في أعماق وجدانهم.

وإلى الذين عن شماله، وجّه إليهم المَلامة وأرسلهم ملاعين إلى النّار الأبديّة، لأنّ اهتماماتهم لم تصل يومًا إلى حدود هؤلاء النّاس المساكين. إكتفاؤهم بذاتهم وقوقعة نظراتهم لم تسمح لهم بأن يخرجوا وينظروا ويتحسّسوا ويساعدوا."

وإختتم الأب أبي عون مصوّبًا كينونة "الأبرار والصدّيقون" شارحًا محفّزًا إيّانا: "هم وبلا شكّ من يشبهون الخراف عن يمين السّيّد المسيح، الذين عاشوا الحبّ المِعطاء المتفاني المجاني بدون أيّ مقابل وبلا حدود، فقط لأنّهم أحبّوا معلّمهم وفاديهم يسوع.

فلنتحدّى ونتشبّه بهم في هذه الظّروف الصّعبة. يسوع ينتظرنا بإخوته الصّغار الأكثر حاجة، آمين."