خاصّ- "إنتِ أصلاً ما بتعنيلي".. وبالرّغم من ذلك شفتها!
إنّها رولى بو عيسى الشّدياق، عاشت سنواتها الأخيرة في فرنسا شبه معوّقة ومنزوية اجتماعيًّا. رفيقها الدّواء، وتحديدًا المخدّر والأدوية النّفسيّة الّتي أخدتها بجرعات عالية ساعدتها على تحمّل آلامها جسديًّا ونفسيًّا.
في عزّ ألمها، تروي رولى- في شهادة حصلنا على نسخة منها من دير مار يوسف جربتا- أنّها كانت تنتظر أن يأتي مار شربل شفيعها فينتشل أشواك الوجع من جسمها، إلّا أنّها أيقنت أنّ صفًّا طويلاً من المؤمنين يقف أمام باب النّعمة تلك قبل أن يحين دورها، وأنّ كثيرين بينهم على مفترق طرق بين الحياة والموت، لكنّها تجرّأت وصرخت له طالبة مساعدته.
طال الانتظار ومار شربل لم يأتِ بعد. وإذا بإحدى ليالي ت2/ نوفمبر 2017، وفيما اشتدّ عليها الألم، التفتت رولى إلى مذبح وضعته في منزلها في فرنسا، وكان من بين صور القدّيسين وتماثيلهم، تمثال للقدّيسة رفقا أهدتها إيّاه والدتها في يوم زفافها، فوضعته في مكانه من دون أن يحمل لها أيّ قيمة روحيّة لأنّ رفقا لا تعني لها شيئًا!
في تلك اللّحظة رفعت رولى صوتها وصرخت في وجه رفقا مصوّبة نحوها أبشع الكلمات وأقساها، كلمات خرجت من قلب موجوع تخدّرت طيبته، وبخّ سمومًا باتّجاه ابنة حملايا.
"أنتِ مين؟ إنتِ أصلاً ما بتعنيلي! ما عملتيلي شي بحياتك!... أنتِ بشعة! ما بعرف ليش الماما عطيتني ياكِ أساسًا!... أنا منّي قدّيسة ولا راهبة لأتحمّل أوجاعي!"... إنهمرت تلك العبارات على القدّيسة رفقا الّتي لم تقف مكتوفة اليدين بل أجابت رولى فورًا عن سبب وجودها في منزلها. فما أن خلدت رولى للنّوم، وفيما كانت بين اليقظة والنّوم، رأت راهبة بجانبها أدركت أنّها رفقا، فذُهلت لجمالها الّذي يفوق تمثالها المصمود في بيتها، جمال كان عكس القباحة الّتي اعتادت أن تراها في تمثالها. وفي تلك اللّحظة، نقلتها الرّاهبة إلى منزلها العائليّ، لكنّ سوادًا حالكًا يلفّ عينيها: رولى فقدت البصر!
راحت رولى تنادي زوجها وأفراد عائلتها، إلّا أنّها لم تكن قادرة أن تراهم، فشعرت أنّها خسرت رؤية أحبّائها وأدركت أنّ ما يحصل هو درس من رفقا، فالتفتت إليها وطلبت منها السّماح راجية إيّاها أن تعيد إليها بصرها، معلنة استعدادها أن تكون أسيرة كرسيّ مدولب ولكن ألّا تفقد نعمة رؤية عائلتها.
رفقا سمعت ولبّت النّداء، أعادت إلى رولى نظرها، ونزعت منها كذلك وجعها وأخذته إلى غير عودة.
لم تدرك رولى حقيقة هذه الأعجوبة إلّا بعد أن سافرت إلى لبنان بعد أسبوعين. هناك لم تحتج لأيّ دواء، استعادت نشاطها وحركتها وكأنّ شوكة نُزعت من جسمها المتألم، حتّى أنّها كانت تنسى تناول دوائها.
هذه الحالة لم تتغيّر بعد عودتها إلى فرنسا! بل كان تحوّل عظيم في حالتها الصّحيّة، تحوّل لفت انتباه زوجها، وأكّدت عليه دموع طبيبتها المعالجة في فرنسا، وهي فرنسيّة مسلمة. الأخيرة أخضعتها للفحوص الطّبّيّة كافّة، وثبّتت الشّفاء في ملفّ طبّيّ مفصّل، مرفق بشهادة طبّيّة سلّمتها إلى رعيّة مار مارون في فرنسا، شهادة أتت بها إلى دير مار يوسف- جربتا في 4 ت2/ نوفمبر 2018، حيث سجّلتها في سجلّ الأعاجيب، رافعة الشّكر والحمد إلى الله بشفاعة رفقا القدّيسة.