دينيّة
29 آذار 2020, 07:00

خاصّ- إستعطى الرّحمة... فكان له البصر والبصيرة

غلوريا بو خليل
في الأحد السّادس من زمن الصّوم الكبير، الذي يصادف الأحد الأخير قبل عيد الشّعانين وأسبوع الآلام، يضعنا إنجيل أحد شفاء الأعمى للقدّيس مرقس (10/ 46 - 52) أمام لوحة تعبيريّة مؤثّرة عن شحّاذ أعمى يستعطي الرّحمة من "ابن داوود" ليبصر، فكان له ما طلب وكانت رؤية جديدة منيرة على الطّريق نحو أورشليم. وبهدف الغوص إلى العمق لفهم كلمة الرّبّ كان لموقعنا حديث إرشاديّ مع كاهن رعيّة بشلّلي في أبرشيّة جبيل المارونيّة الخوري روجيه كرم.

"الرّبّ يجول صانعًا خيرًا، يرافقه جمع كثير. يعلن الكلمة ويدعم الكلمة بالآيات والمعجزات، وذلك تعبيرًا عن محبّته وحنانه." بهذه الكلمات استهلّ الخوري كرم إرشاده وتابع مركّزًا على ثلاث نقاط أساسيّة، فشرح أوّلًا "خمس إعاقات لأعمى أريحا من خلال نصّ القدّيس مرقس وهي:

1- لقّب ببرطيماوس أو إبن طيماوس، إبن أبيه، أيّ لا اسم له، نكرة.

2- أعمى، أيّ إنسان ضرير، غير قادر على تأمين معيشته، غير قادر على التّمتّع ببركات الشّركة مع الجماعة.

3- متسوّل، أّيّ عديم الحركة، شحّاذ، فقير، يتّكل على الحسنات، فمن النّاحية البشريّة يُعتبر عديم النّفع.

4- موجود على حاشية الطّريق، مهمّش، مرذول، غير قادر على المشي في وسط الطّريق  والمشاركة في مسيرة الجماعة.

5- لا يُسمح له أن ينادي ويزعج المعلّم أو أن يرفع صوته، فالجموع هي الموانع وكان النّاس ينتهرونه لكي يصمت."

وعن النّقطة الثّانية، قال الخوري كرم "أعمى أريحا يتميّز بصفتين: الأولى الإيمان من السّماع، فقد سمع أنّ هذا هو يسوع النّاصريّ. والثّانية عندما رفع صرخة مسيحانيّة حين صرخ قائلًا "يا إبن داود ارحمني". عرف أنّ هذا هو يسوع المسيح المنتظر من ذرّيّة داود ورجاء الشّعب العبرانيّ...".

أمّا النّقطة الثّالثة التي شرحها كاهن رعيّة بشلّلي فهي "كيف عبّر أعمى أريحا عن إيمانه بثلاثة مبادرات: الأولى هي الازدياد في الصّراخ رغم كلّ الموانع. أمّا الثّانية فهي عندما نبذ رداءه وتخلّى عن الإنسان العتيق تاركًا كلّ ما يمتلك: المال ومكان راحته (منزله)... والثّالثة حين نهض آتيًا إلى يسوع، قافزًا قفزة إيمانيّة في الظّلام...".

وأضاف: "تبيّن أن أعمى أريحا صاحب بصيرة داخليّة وإيمان نيّر، أمّا الجمع الذي يتبع يسوع، معتبرين أصحّاء، تبيّن أنّهم عميان وأعمى أريحا هو حقًا البصير."

وتابع الخوري كرم قائلًا: "اللّقاء مع يسوع يجعل الإنسان رسولًا، فيحصل تغيير في حياته. أعمى أريحا عاين وجه الرّبّ، عاين مجد الرّبّ وبهاءه ونوره. إنطلق في الطّريق لكي يُعلن الشّهادة ويجاهر بإيمانه."

وإختتم الخوري كرم حديثه متسائلًا: "هل تعرّضت في رسالتك وخدمتك إلى معاكسات وهجومات عنيفة؟ هل ثابرت في الجّهاد وصبرت في الصّراع حتّى المنتهى؟ هل إكتشفت في مسيرتك الرّوحيّة محبّة يسوع وآمنت به واضعًا إيّاه في المقام الأوّل في حياتك ومعتبرًا إيّاه: المخلّص الوحيد، الطّبيب الوحيد والشّافي الوحيد؟"