خاصّ- "إحذروا أن يضلّكم أحد!"
وتابع قائلًا: "يحدّثنا إنجيل اليوم عن أخبار حروب ومجاعات حدثت وسوف تحدث في المستقبل. وهناك الكثير من الدّجّالين الذين يدّعون أنّهم يعرفون بالمستقبل ويعطون هذه الأحداث صفة النّهاية والفناء الكلّيّ. فاليوم الكثير من الأشخاص يعطون مواعيد لنهاية العالم وأصبحوا يرون في الزّلازل والأعاصير علامات من علامات الأزمنة التي تسبق النّهاية الشّاملة، ورغم كلّ هذه الأحداث لم تصل النّهاية."
من ثمّ أوضح الخوري بو عسّاف مفسّرًا: "إذا أردنا فهم الإنجيل لا بدّ من وضعه في إطاره حسب إنجيل متّى، فالأسلوب الذي كتب فيه هذا المقطع هو أسلوب مألوف في الأدب الرّؤيويّ والكتابيّ. فمتّى الإنجيليّ أعاد قراءة الأحداث التي وقعت في عصره من مقاومة الجماعات اليهوديّة وكلّ العقبات التي واكبت إنطلاقة الكنيسة وحالت دون نموّ الإيمان."
وأضاف: "كتب متّى هذا الإنجيل لجماعة مسيحيّة من أصل يهوديّ ليقول لهم أنّه رغم الأحداث المؤلمة والاضطهادات، ورغم الأنبياء الكذبة سيكون الانتصار النّهائيّ من نصيب الملكوت، بشارة الملكوت. النّصر سيكون الخلاص لكلّ البشريّة. فالبُشرى السّارة، بُشرى الملكوت، لا يمكن أن تكون حكرًا على صاحبها، والمؤمن مدعوّ ليعلن للمسكونة إنجيل الخلاص. يقدّم العالم لتلاميذ يسوع الحروب والمجاعات والدّمار، ويقدّم المسيحيّ للعالم البُشرى السّارة. وهذه هي دعوة كلّ مسيحيّ ألّا يدع الخوف يتملّك على قلبه وحياته. دعوته أن يكون إنسان الرّجاء فيحمل في قلبه الثّقة بأنّ الرّبّ حاضر، وهو يعطي الخلاص للكون بأسره. النّهاية هي أن ينتصر خير الرّبّ على شرّ العالم، وأن ينتصر منطق الحبّ والعفو والأخوّة والخدمة على منطق العالم الممتلىء بالحقد والكراهية."
واستطرد قائلًا: "نحن في عالم لا يختلف وضعه عن عالم القرن الأوّل، عالم فيه الحروب والمجاعات والأعاصير. عالم يكثر فيه الأنبياء الكذبة والنّاس الذين يدّعون نهاية العالم والدّمار الشّامل ويحدّدون موعد النّهاية. والسّؤال: ما هو موقفنا اليوم؟ هل هو موقف الإنسان المستسلم للخوف ويفكّر بالنّهاية؟ أم موقف الإنسان المسيحيّ الممتلىء بالرّجاء الذي يعلن الخبر والبُشرى السّارة في عائلته ومجتمعه وعمله ورعيّته؟"
وفي الختام، أعطانا خادم رعيّة مار يوسف شحتول أفضل مثل عن كيفيّة استعدادنا لملاقاة الرّبّ فقال: "كان دومينيك سافيو يلعب مع رفاقه فسألهم الكاهن: إذا عرفت أنّك أنت اليوم ستموت ماذا تفعل؟ فأجابه أحد الأولاد: "أنا أترك اللّعب لأذهب واقدّم اعتذاري من أبي وأمّي عن كلّ ما فعلته". أمّا الثّاني فقال: "أنا أذهب عند الكاهن لأعترف بكلّ الخطايا التي فعلتها". وعندما وصل دور دومينيك سافيو فكان جوابه بكلّ جرأة: "أنا أكمل اللّعب"... لأنّه مستعدّ دائمًا للنّهاية. ونحن اليوم دعوتنا أن نكون مستعدّين في كلّ لحظة لملاقاة الله. دعوتنا أن نعلن من خلال نوعيّة حياتنا أنّ الخير سينتصر وأنّ الرّبّ حاضر في كلّ زمان ومكان، وألّا نخاف لأنّ يسوع يقول لنا "لا تخافوا أنا غلبت العالم". له المجد إلى الأبد، آمين."