دينيّة
29 آب 2021, 07:00

خاصّ– بو راجل: لنصلّ لأجل ارتداد الخطأة

غلوريا بو خليل
"يركّز إنجيل الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة على "قبول الكلمة" من خلال إعلان توبة المرأة الخاطئة. في هذا المقطع الإنجيليّ الخاصّ بالقدّيس لوقا (٧/ ٣٦ – ٥٠)، نرى سمعان الفرّيسيّ، يدعو يسوع إلى بيته ويعدّ له وليمة. هذه الوليمة تؤكّد تعاطف سمعان مع يسوع ورغبته في معرفة هويّته عن كثب. وما يؤكّد تعاطفه هذا، ظنّه بأنّ يسوع هو نبيّ، إنطلاقًا ممّا سمعه عنه، علمًا أنّ الشّكّ قد اعتراه حين رآه يترك المرأة الخاطئة تلمسه." بهذه المقدّمة استهلّ رئيس دير مار سركيس وباخوس إهدن وزغرتا الأب إبراهيم بو راجل الأنطونيّ تأمّله لموقعنا.

وأكمل الأب بو راجل شارحًا "أمّا يسوع فلبّى دعوة سمعان الفرّيسيّ ليجعله يدرك أهمّيّة شركة المحبّة التي يمكن لأيّ وليمة أن تحقّقها بين المدعوّين، فهو قد جاء ليشترك في ولائمنا ويأخذ ما لنا، ليعود ويشركنا بدوره في وليمته السّماويّة فيعطينا بالتّالي ما هو له (رؤ ٣: ا ا). إنّه قد جاء لخلاص الخاطئ لا لهلاكه (لو ٥: ٣٢). يريد يسوع أن يظهر لنا في كلّ أعماله بأنّ الله يستطيب الحبّ الذي يظهره له الإنسان، أيًّا كانت درجة عمق حبّه أو تاريخه أو مركزه الاجتماعيّ، فهو يفتّش عن مثل هؤلاء الخاطئين، فقراء كانوا أم أغنياء، لأنّهم عاجزون عن خلاص أنفسهم وينتظرون بالتّالي خلاصهم من الله."

وأردف رئيس دير مار سركيس وباخوس: "ويأتي إلى هذه الوليمة ضيف غير مدعوّ وغير مرغوب فيه: المرأة الخاطئة (آ٣٧ و٣٩). ويدعونا الحدث للتّساؤل مع سمعان الفرّيسيّ والمدعوّين كافةً عن سبب قدوم هذه المرأة الخاطئة إلى يسوع، وكيف تجرّأت أن تدخل بيت فرّيسيّ بارّ وهي معروفة في المدينة كلّها بأنّها كذلك. هل سمعت يسوع يعلّم حين كان في المدينة؟ هل التقته وتلقّت منه نظرة حبّ ما، نظرة ليست كسائر النّظرات التي كانت ترمقها بشهوة أو تحكم عليها وتدينها؟!..."

وأكّد الرّاهب الأنطونيّ أنّ: "لوقا الإنجيليّ لا يخبرنا أيّ شيئ عن هذا الموضوع. ولكن، ما هو أكيد، أنّ مجيئها وكلّ ما أظهرته من علامات الحبّ العفويّ نحو يسوع والتّوبة (بلّت قدميه بالدّموع، وأنشفتهما بشعر رأسها، وقبّلت قدميه، ودهنتهما بالطّيب) نزل كالصّاعقة على الحاضرين، وجعل كلّ الأنظار موجّهة نحوها ونحو ما سيقوم به يسوع ويقوله."

فأضاف الأب بو راجل مفسّرًا: "وهكذا، سيتواجه في هذه الوليمة المميّزة ثلاثة عناصر: الحبّ الإلهيّ بملئه الحاضر بشخص يسوع المسيح، مع الخطيئة التي تستعبد الإنسان وتشوّه صورة الله فيه والحاضرة في شخص المرأة الخاطئة، والبرارة القائمة على حفظ الشّريعة لا على الحبّ الحاضر في شخص سمعان الفرّيسيّ. بالإضافة إلى عطش الإنسان الباحث عن الحقّ الذي وحده يحرّر، والمتجسّد هو أيضًا في شخص المدعوّين كافّة وفي كلّ من يقرأ ويتأمّل في هذا الحدث."

وفي الختام أعطانا رئيس دير مار سركيس وباخوس زوّادةً لحياتنا قائلًا: "أخيرًا يعلّمنا هذا الانجيل أن نقبل كلمة الله وندعها تحوّلنا من الدّاخل، وأن نثق برحمة الله لنا وغفرانه المسبق والمعطى لنا مجّانًا وألّا نتراجع ونشكّك برحمته لمجرد أنّنا سقطنا في الخطيئة وابتعدنا عنه. فلا نكوننّ كسمعان الفرّيسيّ ننظر نظرةً مكابرةً باتّجاه الخاطئ ونحكم حتّى على يسوع بفكرنا وظنوننا لمجرّد أنّه يرحم الخطأة، وإنّما لنصلّ لأجل ارتدادهم ولنبشّر بإله رحيم غفور، يحنو على التّائب ويرفعه من بؤرة خطيئته."